حزن ذلك المهندس البارع بسبب وحدته,,
الوجود الوحيد مع كوب الماء المثلج أمام
مواقع الأخبار المملة من فرط قدم أخبارها المكررة والمعادة بصيغ تقتل الشغف
والمفاجأة والغضب والفرح والرغبة في المعرفة.
العالم الخرب..العالم الصامت,,فالكل إن وُجِد
يهتم بتفاهاته الغير موجودة إن وُجٍدت علي مقياس التفاهة أو السفاهة والحقيقة أن
جميعهم قد جمعتهم المتاهة.
قرر ذلك المهندس البارع أن يتمرد علي الواقع
,وينشئ واقعاً جديداً, ربما واقع إفتراضي إفترائي. فصنع موقع التواصل الإجتماعي
الأكثر شهرةً وإنتشاراً وزخماً علي الكرة الأرضية وكل ما في الكون المصنوع حديثاً
جداً بالمقارنة بوعيه المغرق في القدم.
توصل للنسخة الأخيرة من الموقع,وقرر أن يطرحه
علي الوجود فيصنع به الوجود,,وأضاف البشر عليه تباعا,,ثم قاموا هم بإضافة أصدقائهم
ووصل الأمر بهم إلي عمل حسابات لكل مواليدهم علي هذا الواقع الإفتراضي,,فتجد أن
"التايم لاين" هو الذي يعني وجود الإنسان منهم,وبموجبه يقوم الوالدان
بعمل برينت لأول صفحة به وهي تقول :
"فلان الفلاني إنضم للموقع في --|--|----"
–فتصبح هذه شهادة ميلاده في الواقع,ويدخل من خلالها كل المواقع علي الشبكة.
إزدادت رقعة مستخدمين ذلك الموقع,,,فتوسع
بشكل مطرد,,وأخذ في التوسع والتوسع حتي بدأت تدب المشاكل بين المستخدمين,,فلجأوا
إلي من أنشأ الموقع ليكون الحكم في النزاعات,,فرحب بذلك الدور,وأخذ يحكم,,,ثم وجد
أنه بحاجة لينشئ قوانين موحدة تكريساً للعدل,حتي لا يأخذ أي شخص عقوبة أكثر ممن
إرتكب نفس جريمته التي هي ربما إرسال رسائل نكات مزعجة أوالمزرعة السعيدة إلي
أصدقائه علي الدوام.
وبعد مواقف عديدة,قرر البعض تأسيس موقع لهم
يجمعهم سويا,,,ولكنهم لم يتعلموا أبدا كيفية تأسيس مواقع التواصل الإجتماعي,فلجأو
إلي جوجل ليبحثوا,,إلا أن مهندسنا البارع قد علم بسبب براعته قيامهم بهذه
الخطوة,,وغضب بشدة,حتي إنه مسحهم,,لم يمسحهم من موقع التواصل الإجتماعي فحسب. لكنه
مسحهم من الشبكة العنكبوتية كلها بضغطة زر واحدة.
تمرد البعض علي هذا التصرف,,فكان مصيرهم مثل
من سبقوهم.
بعد فترة إزدادت أعداد أعضاء الموقع حتي
أصبحت لا تطاق. وكثرت المشاكل التي تعرض علي مهندسنا البارع. حتي أنه أصبح يواصل
الليل بالنهار ليستطيع مباشرة مشاكلهم ورعايتهم وتطوير موقعه كما ينبغي,,,تحول
تمرده علي رتابة الأخبار إلي النقيض,فبسبب موقعه والتحسينات التي أضافها عليه فيما
بعد, أصبح تبادل المعلومات من خلال الشبكة أكثر سرعة وسهولة,,فأصبح يعلم تفاصيل
الحوادث أولا بأول ,لحظة بلحظة,قتيل بقتيل حتي أنه غضب ممن يقومون بنشر الأخبار
التي يراها دائما رغما عنه وهو يحل مشاكل المستخدمين التي لا تنتهي وتبدأ من
الفراغ العدمي.
أصبح أكثر عصبية,وكره ذلك الإختراع الذي قام
به,وحن للأيام التي كانت الشبكة خلالها صحراء جرداء لا يوجد بها شئ سواه
تقريبا,,,أو من هم فوق مستوي الحد الأدني للتواجد في هذا الإختراع النخبوي
بإمتياز.تعب صاحب موقع التواصل الإجتماعي من كثرة التواصل الإجتماعي,,حتي أنه في
أخر عيد ميلاد له وصلته بلايين الرسائل المهنئة من كل أعضاء الشبكة الذين أرسلوا
له التهاني ربما طمعا في "ميجا بايت أو إثنان" زيادة لإنبوكس كل
منهم,,,(بس دي تبأة رشوة!)
مل من الرسائل المكررة,ومل من التمرد علي
الرتابة,والتمرد علي اللهث,,تمرد علي ما دفعه لأن يصنع,وما يدفعه لكي يتوقف,,تمرد
علي ما قام وما لم يقم به.
وفي النهاية,قرر مؤسس موقع التواصل
الإجتماعي,أن يقوم بعمل Deactivate
للحساب الخاص به علي الموقع الذي أنشأه بعد أن
مل منه ومن به ومن قام بإنشائه,,وذهب لينام.
مينا ضياء
21/5/2012
8:10
am
No comments:
Post a Comment