تأثير الفراشة Butterfly Effect

وهى تعنى حدوث شىء صغير جدا يؤدى لحدوث سلسلة من الأحداث المترتبة على هذا الشىء الصغير ..
ما أومن به هو أن كل شىء فى هذا الكون يتم بحسابات دقيقة بارعة لا قبل لنا بها ، كل شىء محسوب ومقدر بدقة بالغة وتدخلنا فى مثل هذه الأمور إنما يفسدها ولا يمكن أن يقومها بطريقة أو بأخرى .. حتى لو كان تدخلنا بسيطا تافها ...الصورة من أعمال مينا هاني

Thursday 20 September 2012

من داخل كيس القمامة -2



يخرج ز. من المبني الإداري الخشبي ذو الطابق الواحد القديم والذي مات كل من كانوا يعرفون لونه الأصلي وتعرض لموجات متتالية من المبادرات العشوائية لدهانه والتي لم تكتمل جميعها,فأصبح يحمل كل درجات الألوان بالإضافة لتأثير الأجرب جراء التواجد تحت الشمس وقت الصيف,والصدأ جراء تأثير المطر علي صاجات السقف والمسامير والمفصلات, الموجود في منتصف موقف الحافلات حاملا في يده اليمني مسدس قديم إشتراه بعدما رهن تلفاز ورثه من جدته رحمها الله وممسك بيده اليسري أحد سائقي الحافلات من ذراعه الأيمن وهو يدفعه دفعات غير منتظمة وقد سدت أنفه جراء تراكم الأتربة علي الكيس القماشي الأسود الذي لبسه علي رأسه وفتح به أربعة فتحات إثنين للعينين وواحدة للأنف والفم.

كان اليوم أصفر جراء تراكم الأتربة ,, لم يندمج ز. يوما مع الطبيعة منذ طفولته فقد عاندته علي الدوام, علي أنه قد قرر عدم التراجع عن تنفيذ العملية, فاليوم يوم عطلة البنوك, وهذا يعني أن الخزينة ستغلق بالنهار وبها حصاد يوم كامل.

يستمر ز. في دفع السائق المحمل بالنصف مليون حتي وصلوا قبل مترين من أبعد حافلة عن المبني الإداري, عندها إبتسمت الطبيعة ل ز. أول مرة منذ مولده فأمطرت وكأن سكان السحب قد شدوا السيفون جميعهم في نفس اللحظة.

شعر ز. فاللحظات الأولي بقطرات مياه معبأة بحبات التراب وهي تنزل علي وجهه جراء غسيل الكيس القماشي وهو لابس إياه. لم يكن شعور جميل في أول الأمر,,لكن بعدما أصبح البلل هو سيد الموقف تلاشي الإحساس بالملمس الترابي في كل شئ وشعر ز. بالزهو وكأن القدر قد كافئه علي قيامه بالسرقة في ساعة الغروب. بعد ساعات من الإنتظار الحار والمترب في مقهي "العالم الأخر" الموجود أمام موقف الحافلات. لم تكن المأساة فالحرارة أو التراب فحسب,,لكن رداءة المشاريب طغت علي الحرارة والتراب وطغي علي ثلاثتهم رداءة الكراسي التي جعلت الإنزلاق الغضروفي جراء  إنتظاره أكثر من ستة ساعات أمر حتمي,وعليه أصبحت السرقة المزمع إرتكابها حتمية. فقد دفع الثمن مقدما.

لم يدرك ز. كم ثانية وقف تحت المطر وهو ممسك بالسائق الرهينة إلا أنا لاحظ تبرم وتململ السائق بعدما غرزت رجله بالوحل. فدفعه ز. بقوة وكأنه أمه الغاضبة لرؤيته وهو غارق فالوحل بزيه المدرسي بعد حصة الألعاب...

وصل ز. ورهينته إلي الحافلة. صعد السائق أولا برجله الموحلة وورائه ز. فدفعه إلي عجلة القيادة ووقف ورائه مسددا مسدسه إلي رأسه وهو ينظر  بشغف إلي موضع المفتاح الذي يدير الحافلة ليري إذا ما كانوا وضعوه كما أمرهم أم لا,, وإبتسم بداخل الكيس القماشي مدركا عمق غبائهم. فحتي إذا لم يخضعوا لتعليماته, لم يكن من الممكن أن يقتل الضمانة الوحيدة لإبقائه علي قيد الحياة.
جلس ز. في المقعد الخلفي للسائق,,وقال له في هدوء:" بسم الله,,,إنطلق. تذكر أنك تريد العودة للإغتسال في بيتك, لنحرص جميعا علي أن تقوم أنت بهذه المهمة"
هز السائق رأسه وهو ينظر للكائن اللابس كيس قمامة علي وجهه الجالس ورائه في المرأة وهو يحرك عجلة القيادة ويأخذ منعطف واسع ليخرج من المحطة ويدخل الطريق الرئيسي.
إنطلقت الحافلة وساد الصمت المختلط بصوت المحرك إلي أن إقتربت أول محطة,,وكانت مكتظة فأمر ز. السائق بأن يغلق اللوحة الضوئية التي تشير إلي وجهة الحافلة وأي خط تسلكه وأمره أن يشير لهم بيده أن الحافلة خارج الخدمة,,فقال لهم السائق وهم يشيرون له أيديهم بعصبية لرؤيتهم له وهو يقترب دون أن يبطئ ليقف: "جراج يا حضرات,,,رايح أعمل صيانة" فتبرموا وكأنهم تلاميذ غابت مدرسة الرياضيات ففرحوا بمعرفة الخبر وعرفوا بعدها أن مدرس اللغة العربية سيأخذهم "حصة إحتياطي" بدلا من مدرس الألعاب.
وبعد أن تكرر هذا الموقف مرتان. أمر ز. السائق أن يتوقف. فتوقف السائق وهو خائف. بعدها طلب منه أن ينشف كرسي القيادة وكرسيه من البلل فتعجب السائق,,وسحب منشفة من فوق التابلوه الموجود أمامه وقام بما أمره به ز..
-          سأله ز.بهدوء :"ما إسمك؟"
-          رد السائق في قلق وهو ينظر لكيس القمامة :"يوسف".
وجه ز. مسدسه تجاه يوسف وقال له :"إخلع زيك يا يوسف..فقد حان وقت الرحيل." شعر يوسف بالذعر من كيس القمامة وطلب منه ألا يقتله فما كان من ز. إلا أن صرخ فيه في غضب أن يتوقف عن إضاعة وقته. بالفعل, خلع يوسف زيه ووضعه علي كرسي القيادة,,وطلب ز. منه بعدها أن يقوم بتنظيف السلم من الوحل ففعل يوسف ما طلب منه. بعدها مد ز. يده داخل حقيبة الأموال وأخرج رزمة ورماها بإتجاه يوسف وهو يقول:"شكرا جداً..إذهب إلي بيتك يا يوسف".


تلقف يوسف الرزمة وهو لا يفهم وقد بدا الإندهاش علي وجهه فقال له كيس القمامة:"إرحل من أمام وجهي, الأن!!" طلب يوسف من ز. أن يأخذ حافظته من جيب الزي فوافق ز. وقد نفذ صبره.

تخلص ز. أخيرا من يوسف ومن كيس القمامة الموجود علي وجهه وقد شعر بتحسن كبير لقدرته علي تنفس ولبس زي السائقين الخاص بيوسف وجلس علي مقعد القيادة وقد وضع شنطة الأموال أمامه علي التابلوه... وبعد أن فوت محطتين وقد تقمص طريقة يوسف وهو يشير للركاب المنتظرين ببلاهة :"جراج يا حضرات..رايح أعمل صيانة" وقد أضاف لمسته الخاصة في صورة تهتهة مختلطة بلدغة في حرفي ال"ر" وال "ل" وجدية مفرطة توحي بالعته. وبسبب نظرة مريبة من أحد الركاب المحبطين تجاه الشنطة الموضوعة علي التابلوه عندما وصل لنصف الطريق بين المحطة الثانية والثالثة توقف بشكل مفاجئ وحمل حقيبة الأموال بعد أن وضع بها كيس القمامة الذي إرتداه علي وجهه وونزل من الحافلة ووضعها في إحدي الشنط الجانبية علي الجانب الأيسر, وعاد بسرعة ليكمل رحلته,,

لاحظ ز. أن أعداد الركاب تتناقص تدريجيا فلما وصل لمحطة لم يجد بها سوي ثلاثة أفراد قرر أن يغير خطته وينير اللوحة المضيئة التي تدل علي وجود الحافلة بالخدمة وتبين خط سيرها. وبالفعل,,وجد بعدها المحطة القادمة وقد ظهرت من بعيد,,وقد جلس بها شخص واحد بائس وكأنه طفل نسيت أمه أن تأخذه من المدرسة فتوقف ببطئ قبل المحطة بمسافة حتي يتفادي أن ينزلق بالحافلة

صعد كتلة من الصوف المبتل ببطئ وقد نظر إلي المقاعد الفارغة وهو يضع يده في جيبه فأخرج عملة ورقية مبتلة فشعر بالإحراج بينما أخذها ز. منه وهو يبتسم في هدوء ويقول له تفضل إجلس وأشار له بترحاب وهو يعطيه التذكرة ويقول:"لا يوجد معي فكة لأعطيك الباقي الأن,,تفضل التذكرة وإنتظر حتي أحصل علي فكة"

هز أ. رأسه في هدوء وهو يسأل في دهشة عن سبب إختفاء باقي الركاب..تبادلوا حديث سريع ونظر ز. إلي الطريق وهو يفكر كيف يستفيد من الضيف الجديد علي أكمل وجه.

ظهر من بعيد حشد متجمع فالمحطة الموجودة علي مسافة.. كانت هذه مفاجأة ل ز. إلا أنه قرر أن يتعامل معها بهدوء فأغلق اللوحة التي تدل علي أن الحافلة بالخدمة وقرر أن يتجاهلهم تماما مفتقدا تقليد يوسف كما إعتاد فالمرات السابقة.
تعجيب أ. من فعل ز. وسأله عن سبب ترك الركاب, فإختلق ز. بسرعة حجة وجود نقص فالوقود ثم عاجله برشوة موسيقية - شغل له محطة الموسيقي التي يفضلها- فتقبلها أ. كاللطخ وهو يظن أنه منتصر.

لمح ز. وجود زجاجتين مياه ربما كانا خاصتين بيوسف السائق, فبدأ في شربهم أثناء القيادة كأنه تائه في الصحراء في ساعة مشمسة ووجد تلاجة لا معني لوجودها في هذا المكان إلا لإنقاذه من التبخر.

توالت المحطات حتي وصلت الحافلة إلي تقاطع الطريق مع خط سكة حديد فأبطأ ز.ثم توقف قبل التقاطع تماما لكنه لم يوقف محرك السيارة. ونظر ز. إلي يساره فوجد القطار مقبل من مسافة ليست ببعيدة. ثم نظر وراءة وقال ل أ.:"هل يمكن أن تأخذ مكاني للدقيقتين؟ فأنا أريد أن أقضي حاجتي الأن بشدة وأخاف أن يفصل الموتور ولا نستطيع التحرك,,من فضلك أبقي الموتور دائرا."
بدا علي أ. التعجب لكنه وافق وقد ظهر أنه يكتم ضحكة ما فشكره ز. وهو يفتح الباب الموجود علي يساره لينزل وهو يقول في سره :"أحمق".

بسرعة إستغل ز. سترة الظلام وفتح شنطة العربة ليأخذ حقيبة النصف مليون إلا ألف وتحرك بمشية سريعة تجاه الشجر وعندما دخل وسطه جري تجاه القطار حتي توقف عند منتصف عربات القطار تقريبا ثم أدار جسده ليجري كأنه يسابق القطار ثم إستطاع أن يلحق نفسه بسور نهاية العربة القبل الأخيرة الذي يؤدي إلي الجسر الفاصل بين الأخيرة والقبل الأخيرة فوق الروابط التي تربط العربات إحداها بالأخري.

فتح ز. بهدوء باب العربة الأخير ولحسن حظه وجد كل الركاب نائمون عدا طفل صغير في حضن أمه النائمة يلعب بدبدوب أزرق وضع بقية لعبه علي حجر وكتف الأب النائم.

نظر الطفل إلي ز. وهو يمشي ببطئ وقد بدا وجهه ملطخ بالكاكاو علي نحو عشوائي يبين أن أمه نامت قبل أن يكمل عشائه. إبتسم الطفل ل ز. فقد بدا مظهر ز. بزي السائقين الموحل والمبتل كمظهر المهرجين في السيرك. إبتسم ز. للطفل وهو يتمني ألا يصدر أي صوت يعجل بصحيان أي من ركاب العربة, وأشار الطفل تجاه ز. وهو يقول كلام غير مفهوم بصوت منخفض فضحك له ز. عندما وصل له ورأي إحدي لعبه وقد سقطت فنزل إلتقطها ليعطيها له لعله يصمت, إلا أن الطفل لم يصمت وتحرك بعنف ففاقت الأم من غفلتها وهي تري ز. ممسك باللعبة وينظر للطفل بتوسل أن يصمت. فإبتسمت الأم وشكرت ز. ربما ظنته أحد المضيفين, ربما يكون سبب هذا الظن توحل زي ز. وقلة الإضائة الذان أوحيا بأن البدلة الزرقاء التي يلبسها بدت كحلية أو سوداء.

قال ز. للسيدة بهدوء مبتسم مصطنعا للود الحازم :"نتمني لكي رحلة سعيدة يا سيدتي...عذرا لإيقاذك لكن واجبي يحتم علي أن أطلب منك أن تغلقي الشباك المفتوح بجانب الأب لإحتياطات أمنية..وجود طفل بجانب شباك وأبائه نائمون يتعارض مع سياسة خطوطنا المشهورة بوضع سلامة ركابها كأولوية قصوي..." صمت ز. وقد نظر للطفل بعطف وطبطب علي رأسه. فشعرت الأم بالخجل وقالت له:"معك حق, أسفة بشدة". إبتسم ز. وقال للأم وهو ينظر للطفل ويعبر تعبيرات بهلوانية بوجهه ليضحكه:"إنني مقدر إرهاقكم لكنهم أطفالنا درة أعيننا سيدتي,," ثم نظر للسيدة وقال لها:"نوما هنيئا وشباكا مغلقا" وضحك بصوت منخفض فيما قامت الأم من مكانها وأيقظت زوجها ليغلق الشباك فأغلقه ونام سريعا كالقتيل.

إتجه ز. بسرعة ناحية الحمام وشعر بالفرح لوجود حمام فارغ فدخل بسرعة ووضع حقيبة النصف مليون إلا ألف علي الحوض وأخرج ملابس جديدة كانت موضوعة في كيس بلاستك تحت النصف مليون وغير ملابسه وأنزل غطاء التواليت وقرر أن يظل جالسا عليه حتي يصل القطار إلي هدفه حتي لا يراه أي من مفتشي القطار أو مضيفيه بدون التذكرة. فالحمام أحد البقع السحرية والإستراتيجية التي تقع خارج نطاق سلطة المضيفين والمفتشين,,فمن الغير معقول أن يدخل عليه المفتش الحمام فجأة ليسأله عن التذكرة,,,أي صفاقة هذه!
إستقر ز. فالحمام ممنيا نفسه أن يصل القطار بسرعة,,فقد ملل من البقاء في الكابينة التي هي مساحتها أقل من 80*80 سم مبربع وقد شعر مؤخرا أنه بداخل تابوت متحرك به إمكانيات كالمياه الساخنة والباردة ومرايا ونور وإمكانية قضاء الحاجة..لكن الموتي لا يحتاجون كل هذه الإمكانات. حاول ز. أن ينام ولم يجد مكان يسند فيه رأسه,,فقرر أن يفكر فيما سيفعل بعد أن يصل القطار. لكنه كان يقطع حبل تفكيره من حين للأخر طرقات لركاب مزنوقين يريدون دخول الحمام فما كان من ز. إلا أن يقول :"أفندم" ثم يصدر عدة أصوات تعبر عن المعاناة ليفهم الطارقون أن أمامه الكثير.

وصل القطار بعد منتصف الليل بساعة. علم ز. ذلك بعدما سمع أصوات هرولة الركاب ثم سمع صوت صفارة إخترق أذنه فعلم بصحة ظنه. قام ز. ورتب ملابسه وحمل حقيبته وفتح الباب ببطئ فوجد الركاب قد وقفوا في طابور غير منتظم به فراغات جراء إنشغال بعضهم بلم متعلقاتهم. تقدم ز. في الطابور ليخرج وفجأة وجد الرجل الموجود أمامه يلف ليرجع لكرسيه وهو يتمتم بشتائم موجهة لذاكرته التي جعلته ينسي حقيبته ربما. فيجد ز. نفسه وراء رجل أماه إمرأة والرجل يحمل طفل ينظر إلي ز. ويصدر أصوات عالية في فرح وسعادة,,نظر إليه ز. فوجده الطفل الذي رأه البارحة. إبتسم له ز. حتي يقول له أنه رأه وتعرف عليه ليتوقف عن الضجة التي يحدثها, علي مايبدوا أن الطفل كان مزعجا بطبعه أو أن الأبوين كانا منشغلين عنه بشئ هام,فلم يهتم أي منهم ليعرف سبب الضجة التي يصدرها الطفل, أوربما لم يهتموا لأنها كانت ضجة مبهجة وكانوا سيهتموا لو يبكي مثلا! لا يهم,,إطمئن ز. أن ضجة الطفل لن تورطه في مشاكل فإنخرط في اللعب معه من بعيد حتي وصلوا إلي بوابة العربة وإلتفتت الأم لتحمل الطفل من الأب. ظن ز. ساعتها أنه سينكشف إلا فحمل حقيبته علي كتفه الأيمن فأخفت وجهه وخبط علي كتف الأب الأيسر وقال له في هدوء متعجل:"عن إذنك سيدي" فأفسح له الأب فإنطلق ز. ليذوب وسط الزحام.

كانت الساعة القانية بعد منتصف الليل عندما وصل ز. بالتاكسي إلي الفندق فقد كان الخروج من محطة القطارات غاية في البطئ جراء الإزدحام الشديد,أدي هذا لصعوبة الحصول علي تاكسي,,لكن ز. بعد أن صبر إستطاع اخيرا أن يجد تاكسي يقوده رجل أربعيني العمر مهندم اللبس هادئ الملامح, شك فيه ز. أول الأمر أنه شرطة لكنه عرف أنه ليس بضابط متخفي بعدما رأه يخرج نقود ويكرمشها ويضعها في يد شرطي المرور في أحد التقاطعات – وقال في نفسه:"رشوة!! لا أمل في أن تتقدم هذه البلد"- لكنه تفاجأ عندما وجد الشرطي يمد له يده الأخري بشئ لم يصدق ز. أنه هو فعلا عندما رأه لكنه صدق عندما إنتشرت رائحته في المكان. فقد كانت قطعة حشيش!

توقف التاكسي أمام الفندق ونزل ز. وفي يده حقيبته وأعطي السائق النقود التي طلبها ودخل ز. الفندق وتوجه لموظف الإستقبال ليطلب غرفة فوجد موظف الإستقبال غير مكترث بالنظر له ليس لأنه يقوم بإضطهاده لكنه كان قد أعطي ظهره وشرع في ترتيب شئ ما في لوحة المفاتيح الموجودة وراءه قبل أن يدخل ز. لكنه لم يهتم أن ينظر له عندما قال له ز.:"من فضلك أريد حجز غرفة",,,ظن ز. أنه لم يسمعه فرفع صوته قليلا, فلف له موظف الإستقبال الأنيق وهو ينظر له في كيد وأشار بيده إلي ورقة مكتوب عليها :"كل الغرف مشغولة". قرأ ز. الافتة وإمتعض, بينما إبتسم له الموظف في برود وقال له:"شكرا لتفكيرك في فندقنا, نرجو أن نراك قريبا. مع السلامة"

خرج ز. فرأي التاكسي الذي كان إستقله واقفا حيث تركه فقد كان السائق يستمتع بتدخين ما إشتراه من ضابط المرور, فعاد إليه وطلب منه أن يذهب إلي فندق أخر.

كانت بقية الفنادق محجوزة جميعها,,تعجب ز. من هذا وشعر بالحزن,, فهو لم ينام منذ أكقر من 20 ساعة, وكانت الساعات التي قضاها علي كرسي المقهي المقابل لمحطة الحافلات وبداخل التابوت المتحرك في القطار ساعات كارثية علي عموده الفقري.
بعدما خرج ز. من أخر الفندق طلب من السائق أن يذهب به إلي السينيما. تعجب السائق من الطلب الغريب في هذه الساغة الغريبة فقد كانت الثالثة ونصف فجرا, وبدا عليه أنا أفاق من سطلته من جراء الطلب الغريب.

وصل ز. إلي شباك التذاكر وطلب من الموظف أخر كرسي في أخر صف علي اليمين. علم أن الحفلة ستبدأ الأن فدخل مسرعا. وضع حقيبة النقود علي الكرسي وجلس فوقها وقد قرر أن ينام في السينيما فقد كان جسده علي وشك الإنهيار. بدأ ز. في النوم لكنا صحي فزعا علي صوت إنفجار في الفيلم فأذار ذعره ذعر شاب وفتاة كانوا يقبلون بعضهم البعض علي يساره. فنظر لهم ز. في خجل لتسببه في إنقطاع تركيزهم وقال لهم:أسف,," ونظر ز. إلي الجانب وإتخذ وضعية الجنين فوق حقيبة النقود وشرع في النوم.

وجد ز. يد تخبط علي كتفه في رفق لتوقظه, فتخ عينه فوجد موظف السينيما يبلغه بإنتهاء الفيلم. فقام ز. في ضجر وتوجه مسرعا إلي الحمام وأخرج رزمة نقود ووضعها في جيبه وذهب إلي شباك التذاكر وإشتري تذكرة الحفلة القادمة والبعد القادمة وعاد إلي نفس المكان وإتخذ نفس وضعية الجنين حتي يعزل نفسه عن العالم وقد وضع التذكرتان في يده حتي إذا ما قام نفس الموظف بإيقاظه يكون من حق ز. أن يلكمه في أنفه.

نام ز. كما لم ينام من قبل. ودخل في ثلاثة أو أربعة أحلام كان الحلم الأخير به صوت مزعج كصوت جرس الإنذار. وفجأة وجد يد الشاب والفتاة يسحبانه من كرسيه فيفيق مذعورا ليجد أن الشاب قد حمله علي كتفه وتجري أمامه الفتاة بين الكراسي ليصلوا إلي باب السينيما ويخرجوا به من ممرات السينيما فيرمونه بين في الشارع بعد أن عبروا به سيارات الشرطة وعربات المطافي ولم يدرك هل هذا حلم أم حقيقة إلا بعد أن رموه علي الأرض فتألمت عظامه فتسارعت ضربات قلب ز. كأنه يجري في ماراثون علي الرغم من جلوسه في منتصف الشارع الملئ بعربات الشرطة والمطافئ والإسعاف وقاربت عيناه أن يخرجا من جمجمته وهو يقول في نفسه:"حقيبة النصف مليون إلا رزمتين!!!" وقام ز. من مكانه وجري بإتجاه الباب إلا أن أفراد الشرطة مسكوه وصدوا إندفاعه وهم يقولون له بلهجة مهذبة:"عذرا سيدي, لا يمكنك أن تدخل الأن" وحملوه إلي منتصف الشارع أمام السينيما وتركوه. نظر حوله فرأي عربة مسرعة قادمة من بعيد وقفت بينه وبين بوابة السينيما وقد نزل منها أربعة كائنات فضائية فتعجب ونظر إلي العربة مجددا فرأي مكتوب عليها :"وحدة تفكيك القنابل الموقوتة" ورأي رجل عجوز ينزل بعد الكائنات الفضائية ويصيح لهم وهم داخلون :"مشطوا كل سم مربع من السينيما,فتشوا كل الصناديق والدواليب والخزائن والحقائب"

سمع ز. كلمة "حقائب" فأدرك وجوب تركه لهذه المدينة المجنونة فورا, فقد فضح أمره وهو يصيح في سره:" اللعنة علي الأقدار"

مينا ضياء
21/9/2012
1:50 am
من فضلك,لو الكلام عجبك دوس شير وإبعد عن كوبي وبيست. شكرا :)


Friday 14 September 2012

وحيد في المحطة

لم يحتاج أ. أن ينظر في ساعته ليدرك أنه قد تأخر في رحلة العودة إلي منزل أهله في حي متوسط الرقي والسكان والقماماة علي جانبي الطريق.

كان أ. في طريقه لمحطة الأتوبيس ممنيا نفسه بأن يكون ممن السبعة المحظوظين بالمظلة ليحتمي من المطر الهادر الذي بدأ منذ حوالي خمس دقائق  في حين أن الطريق من مكتب عمله إلي المحطة يستغرق 10 دقائق علي الأقدام.

وصل أ. إلي المحطة ووجد ستة أفراد مبتلي الملامح يلبسون بالطوهات مبتلة وقد رفعوا ياقاتها المبتلة لتغطي أقفيتهم المبتلة تحت قبعاتهم المبتلة. شكر أ. إله المطر علي إيجاده مكان تحت المظلة ليقف ويستمتع بإنقطاع قطرات الماء عن جسمه المبتل.

إنتظر أ. لدقائق وهو ينظر للشجر المنحني أمام الرياح والمطر المنهمر الذي يقوم بدوره بغسل أوراق الشجر وجذوعه وسيقانه من التراب إلي أن أفاق أ. علي عطسة ورائه مباشرة وشعر برذاذها وهو يمر خلف أذنه اليسري. فنظر وراءه ووجد إمرأة عجوز وهي تهرول باحثة في حقيبتها عن منديل وتعتذر له في نفس الوقت. نظر أ. فوقه فوجدها وقد وقفت خارج حدود المظلة فوخزه ضميره ومسكها من ذراعها الأيسر وهي لازالت تبحث عن منديل ووشدها برفق لتأخذ مكانه تحت المظلة.

وقف أ. مكان العجوز وعرفت قطرات المطر طريقها إلي مابين رقبته وياقته وتسللت إلي جسده فأدرك وجوب إحكام اعزل نفسه وشرع في ذلك.

وبعد 15 دقيقة أتي الأتوبيس في هدوء حتي لاتنزلق العجلات فوق الأرض المبتلة وإقترب من اليسار ببطئ حتي توقف أمام المظلة. وبعد لحظة إنفتح الباب الأمامي للأتوبيس وكان لسوء الحظ مكان الباب من أ. أبعد مايكون. فتكون شبه طابور أوله الرجل الواقف علي يمين المظله وأخره أ. الواقف علي اليسار خارج ووراء المظلة.

دخلوا في هدوء وهم يمسحون أرجلهم في سلم الأتوبيس إلي أن وصل أ. إلي البوابة فوجدها وهي تغلق ووجد السائق يعتذر له بإكتمال العدد ونظر أ. في إستغراب إلي السائق الهادئ والغير بمبتل وهو يقول له أن ينتظر وكأنه يقول رسالة مسجلة وهو ينظر أمامه في لامبالاة لم يتمني أ. ان يواجهها في مثل هذه الظروف وفي مثل هذه الأوقات التي يكاد يتسرب خلالها ماء المطر من ثنايا نسيج ملابسه إلي داخل جسده من خلال مسامه وكأنه إسفنجة. تحرك الأتوبيس وشعر أ. أنه أبله مثل سبونج بوب للحظات. وقرر أن يعود ليجلس تحت المظلة وحده فجلس علي الكرسي الأيمن وأخرج صحيفة مبتلة من جيب سترته وحاول أن يفتحها فوجد أن الورق قد إلتصق ببعضه البعض. فحاول أكثر ولجأ إلي أظافره فإنقطع جزء من الورقة الأولي والثانية والثالثة من حافة الثنية الموجودة في وسط الصفحة إلي وسط الثنية نفسها,,,شعر أ. بالإحباط فحاول أن يقرأ الصفحة الأولي فوجدها وقد ساحت أغلب حروفها وربما قد إختلطت بحروف الصفحة الثانية والثالثة.

لم يقدر أ. أن يقرأ موضوعا محددا, لكنه إستطاع أن يقرأ بعض الكلمات وأن ويربطها بأخري ليكون مواضيع ربما تكون غير صحيحة ولكنها الأكثر منطقية طبقا للمعطيات التي يراها في جثة الصحيفة الموجودة في يديه. فرغ أ. من محاولات القراءة والتخمين. فنظر إلي اليسار في هدوء وهو يعيد تطبيق الصحيفة ليلمع بها زجاج غرفة نومه حال حالفه الحظ ووصل إليها ولبس قفازات كان قد نسي أن يلبسها لتقيه من البرودة والبلل.

إنتظر أ. فترة تفوق ما توقع أن ينتظره. وظل يلوم القدر الذي جعل السيدة العجوز تعطس في قفاه فيضطر أن يضحي هو بمكانه تحت المظلة. فقد كان يمكن أن تعطس في قفا أي واحد ممن كانوا علي يمينه. ولام نفسه أيضا لقيامه بإعطاء مكانه للعجوز لربما إذا كانت هي أخر من فالطابور رقت نفس السائق وإضطر لقبول زبون زائد – فلن تكون نهاية العالم- ولن يكون من الشهامة أن يترك السائق السيدة العجوز وحدها في هذا الوقت المتأخر وتحت هذه الكميات من المطر!

وأخيرا وبعد طول إنتظار أتي الأتوبيس المنتظر وكانت مفاجأة ل أ. أنه لم يجد أحد في الأتوبيس سوي السائق وقد شعر أ. بشئ يربطه بالسائق. ربما كان البلل. صعد ودفع الأجرة وجلس في الكرسي التالي للسائق وسأله في إستغراب :"أين ذهب الركاب؟!"

السائق:" المكاتب والشركات والبنوك في الناحية الشمالية سمحوا لموظفيهم بالخروج ساعة قبل معادهم بسبب سوء الأحوال الجوية"
أ.:"سحقا لأقدار, هل تعلم بأنني كنت علي وشك العمل مع أحد هذه المكاتب بمقابل أعلي من الذي أقبضه الأن؟!"

ضحك السائق ونظر أمامه إلي الطريق, ونظر أ. من الشباك علي يساره إلي الأشجار المرصوصة بعشوائية وهو يحلم بملمس بيجامته الدافئ والخالي من البلل.

ظهرت من بعيد المحطة التالية وكان موجود بها حشد كبير من الجماهير داخل وخارج بل وعلي المظلة نفسها ونظر إليهم أ. وهو يفكر في نفسه عندما كان أخر من فالصف ولم يقدر أن يركب الأتوبيس السابق وسأل نفسه :"ياتري من منكم سيحالفه الحظ لينتظر الأتوبيس التالي؟!" لكن السائق لم يتوقف وتجاهل الحشد وزاد من سرعته عندما إقترب من المحطة عكس الطبيعي. فتعجب أ. وسأله:"لماذا لم تقف؟"
السائق:"الوقود علي وشك الإنتهاء ولن نصل إلي وجهتنا إذا ما زادت حمولة الأتوبيس"
أ.:"ولكن لا يصح أن تتركهم هكذا! كان يجب أن تتزود بالوقود قبل أن تنطلق في الرحلة!"
رد السائق في فتور:"معك حق,,قل لي أي محطة راديو تود أن تسمع؟"
أ.:"إذاعة الأغاني القديمة"
وبالفعل, قام السائق بتشغيل الراديو وفرح أ. لإستجابة السائق التي هي بمثابة رشوة مقنعة حتي لا يكلمه عمن تركهم في المحطة السابقة والمتوقع أن يتركهم فالمحطات القادمة.

للحظات شعر أ. أن الطبيعة والأقدار يصالحانه ويكافئانه لأنه إنتظر هذا الأتوبيس وحده وبدَي من عطست في قفاه علي نفسه, فقرر القدر أن يخصص له أتوبيس مخصوص له وحده ليجلس كل خمسة دقائق علي مقعد جديد حتي يمل.

وبعد مرور أربعة أو خمسة أغاني وصل الأتوبيس إلي تقاطع الطريق مع خط السكة الحديد,,فأبطأ السائق وتوقف تماما قبل المزلقان لينتظر أن يمر القطار الأتي أولا,,ولكنه لم يوقف محرك السيارة ووقف وطلب من أ. أن ينتظره لدقيقة فهو سيذهب ليلقي حاجته وسط الشجر ورجاه أن يأخذ مكانه ليبقي علي الموتور دائرا حتي لا يفصل ويفقدوا القدرة علي الوصول لأقرب محطة وقود فهي علي بعد 20 دقيقة. وافق أ. في هدوء وأخذ مكان السائق بينما خرج السائق وهو يشكره وقد بدا عليه الهرولة وضحك أ. وهو يقول في سره:"مسكين...مزنوق"!

سمع أ. صوت خبطة خضته للحظة نظرا لوجوده فالظلام وسط الطريق وحده فالأتوبيس, لكنه لم يرد أن يبدوا خائفا في نظر السائق فلم ينده عليه.

مرت دقيقتان منذ سمع أ. الخبطة وقد بدأ أ. في التململ, صحيح أنه قد وافق أن يأخذ مكان السائق,لكن هذا لا يعني أن يلطعه السائق هذه اللطعة المهببة! وبعد عشرة دقائق كان أ. قد غضب تماما وقرر أن يذيق السائق كأس تعليقاته السخيفة التي طالما إشتهر بها وسط زملاءه, إلا أنه قرر أن يرحمه في حال معرفته بإصابة السائق بإمساك مثلا لاقدر الله.

وبعد مرور خمسة عشر دقيقة منذ سمع أ. الخبطة وشعوره بالغضب تجاه السائق, فجأة وجد أصوات عربات تأتي من الأمام والخلف وبعد تركيز وجده الطريق أمامه وخلفه في المرايا ينير بالأحمر والأزرق وسمع سارينة الشرطة وفي غضون لحظات وجدهم يحاصرون الأتوبيس ويطلبون منه النزول وهو رافع يداه فوق رأسه.

لم يفهم أ. ما يجري لكنه أدرك أنه ربما يكون ضيف الكاميرا الخفية للموسم القادم وتخيل للحظات ردود أفعال زملائه وهم يعلقون علي هذه الحلقة علي يوتيوب فقرر أن يحوز علي إعجابهم ويكون نجم هذا الموسم للكاميرا الخفية بلا منازع.

بالفعل قرر أ. أن يستجيب لنداء الشرطة وأعجب بإتقانهم للدور وتقدم ناحية الظابط الأكبر سنا وهو رافع يده خلف رأسه وقال له:"ماذا تريدون أيها المزعجون" ولم يلبث أن يكمل الجملة حتي وجد نفسه وقد سحب ووضع في عربة ترحيلات وحده وإنطلقت العربة به في سرعة مجنونة وهو لا يفهم ماذا يحدث!

وصل أ. بعد قليل إلي قسم الشرطة وودخل مكتب رئيس شرطة المقاطعة فوجده هو الرجل الذي فار في وجهه وهو يظنه كومبارس ترك السينيما وإتجه إلي الكاميرا الخفية.
أدرك أ. أنه في مشكلة,لكنه للأسف لم يفهم ماجري,, فسأل وهو جالس علي كرسي التحقيقات:"ماذا يجري؟"
أجاب رئيس الشرطة والكومبارس الفاشل المتجه للكاميرا الخفية في رأي أ. وهو ينحني إلي الأمام ويده اليمني تفرك في لحيته البنية ويده اليسري تشير بعصبية إلي إتجاهات مختلفة معطية رسالة لا معني لها سوي نفاذ الصبر :"قل لنا أين النصف مليون التي سرقتها من مقر شركة الحافلات وهربت بالحافلة يا لص؟ "
ذهل أ. مما سمع وقال له:"إيه؟" وهو يرفع حاجبيه
سأله رئيس الشرطة والكومبارس الفاشل المتجه للكاميرا الخفية وقد زادت حركات يده وتشنج جسده تحت الملابس : "النصف مليون يا حرامي..."
أجاب أ. في براءة :"أنا تعرضت للخداع!"
رئيس الشرطة وقد إستمر في حركة يده ورفع حاجبه الأيسر: "وحياة أمك؟!"
رد أ. وهو يحاول أن يتذكر ذكريات البلل :"لقد ركبت مع السائق وطلب مني أن أحرص علي الإبقاء علي موتور الأتوبيس دائرا حتي يقضي حاجته ويعود!"
أجاب رئيس الشرطة في تحدي وهو يعود بظهره إلي الوراء في كرسيه وقد إرتخت عضلاته وأصبحت يداه أقل حدة في الحركة :"لم يكن هناك أحد في محيط الأتوبيس غيرك بداخل الأتوبيس علي مقعد السائق يدك علي عجلة القيادة"
شعر أ. أنه سليمان الحكيم وقال علي طريقة (وجدتها):"يمكنك ترفع البصمات الموجودة علي عجلة القيادة وتضاهيها ببصماتي إذا" ثم صمت فجأة وهو يحلمق في الحائط خلف رئيس الشرطة.
فسأله رئيس الشرطة في ضجر:"غالي والطلب رخيص"

فيما لم يرد أ. عليه وظل ينظر إلي الحائط...فقد تذكر أن كل من السائق وهو قد إرتديا قفازات.

مينا ضياء
15/9/2012
4:04 PM

لو الهري عاجبك وعايز تدوس شير إتفضل, بس إبعد عم زرار كوبي وبيست من فضلك :)

الجزء الثاني: من داخل كيس القمامة