تأثير الفراشة Butterfly Effect

وهى تعنى حدوث شىء صغير جدا يؤدى لحدوث سلسلة من الأحداث المترتبة على هذا الشىء الصغير ..
ما أومن به هو أن كل شىء فى هذا الكون يتم بحسابات دقيقة بارعة لا قبل لنا بها ، كل شىء محسوب ومقدر بدقة بالغة وتدخلنا فى مثل هذه الأمور إنما يفسدها ولا يمكن أن يقومها بطريقة أو بأخرى .. حتى لو كان تدخلنا بسيطا تافها ...الصورة من أعمال مينا هاني

Monday 30 September 2013

جيش العاهرات | كمين كرداسة


مقدمة لابد منها :
إذا كنت من فريق " تسلم الأيادى " لا تحاول إيجاد مبرر لنفسك أو لفريقك ,, فقط واجه هذه الحقيقة : المؤسسة العسكرية كأى كيان من كيانات المجتمع فيها الصالح و فيها الفاسد و بما أن الأغلبية فى معظم الكيانات تتكون من الوساخات و يسيطر عليها الفاسدون فكذلك المؤسسة العسكرية أيضاً .
و إذا كنت من فريق " الشرعية و الشريعة " فلا تحاول إستغلال هذا الحادث فى دعم حجتك فكيان الإسلام السياسى كباقى كيانات هذه " المخروبة " و ينطبق عليه ما ينطبق على المؤسسة العسكرية من فساد و فاشية و حب للسلطة.

بدأت الشمس تتوارى خلف السحب الكثيفة ,, كانت الساعة قد اقتربت من الخامسة مساءاً و بدأت إحدى ساعات الزروة ,, حيث تزدحم الشوارع بالسيارات المارة و الناس التى تنتظر لساعات بحثاً عن نصف مقعد أو قدم فى أى من وسائل المواصلات المزدحمة .
كنت أنا و صديقى قد وقفنا كجميع الواقفين نبحث عن فرصة مناسبة للإنقضاض على باب من أبواب سيارات الأجرة فى مشهد أشبه ما يكون بمطاردة مجموعة من الفهود لغزال برى أو حفنة من الضباع يتنازعون على فريسة ميتة ,, إختصاراً و بعد طول الإنتظار نجحت محاولة الإنقضاض أخيراً و دخلت أنا و صديقى "لميكروباص" متجه من الشيخ زايد إلى ميدان لبنان ,, و كان الطريق المؤدى إلى ميدان لبنان مزدحم جداً مما دفع سائق "الميكروباص" لتغيير طريقه و السير فى الطريق الموازى للمحور عبر منطقة كرداسة ,, و بعد فترة ليست قصيرة من الوقت قضيناها فى الطرق الداخلية الغير ممهدة بكرداسة وصلنا أخيراً لطريق الخروج من كرداسة ,, و هو طريق من إتجاه واحد فقط يوجد فى نهايته كمين للقوات المسلحة و الشرطة مكون من عدة مدرعات و قوة من الأفراد تزيد عن الثلاثين فرد مجهزين بالأسلحة و الذخيرة الكاملة التى ربما تساعدهم على مواجهة مصائرهم إذا باغتتهم إحدى الهجمات من عصابات كرداسة .
بدأت السيارة تبطئ تأهباً لدخول الكمين ,, و كان الطريق قد ازدحم بالسيارات و بالرغم من أن الطريق إتجاه واحد فقط إلا أن المجندين الموجودين فى الكمين كانوا يسمحون للسيارات بالمرور فى الإتجاه العكسى على حساب السيارات التى تسير فى الإتجاه الصحيح ,, مما جعل سائق "الميكروباص"  يبدى اعتراضه بشكل مهذب لم يخرج فيه عن الأدب
 قائلا لمجند الجيش : " عدينا الأول و بعدين ابقى عدى الناس عكسى براحتك "
أجابه المجند وقد ظهرت عليه علامات الغضب الغير مبرر : " انزل "
السائق : " انزل ليه ؟!! "
المجند : " بقولك انزلى هنا "
أجابه السائق و قد بدا مصراً على موقفه بعد أن أغلق الباب من الداخل : " لأ مش هانزل "
 ثار المجند بشكل مبالغ فيه و أصر على نزول السائق و امسك بباب الميكروباص محاولا فتحه بحركات عنيفة و هو يقول للسائق : " دى أخرتها علشان واقفين نحميكم ,, أنا مش هاسيبك غير لما تنزل "
و هنا تجمع زملاء المجند و أحاطوا بالسيارة كمن يتحرشون بفتاة و بدأت أصواتهم تعلو بالسباب مطالبين السائق بالنزول و أخذ المجند سلاحه و شد أجزاءه ووجهه نحو السائق و هو يقول له : " ورينى بقى مش هاتنزل إزاى ؟ "
فنزل بعض ركاب الميكروباص محاولين تهدئة المجندين ولكن دون جدوى ,, و بالفعل نزل السائق تحت تهديد السلاح ,, و فجأة خرجت رصاصة طائشة بالخطأ من هذا المجند اللعين – الذى رفع سلاحه فى وجه السائق – ,, لم تسفر الرصاصة عن إصابة لأحد و لكنها كادت أن تصيب قدم هذا المجند الحقير ,, و هنا انقلب الموقف تماماً فخروج رصاصة فى غير موضعها من أى مجند يعرضه للمسآلة و الحساب ,, تراجع المجند و أعطى سلاحه لمجند أخر نزع خزينة الطلقات عنه ,, و لم يظهر هذا المجند اللعين ثانية حتى نهاية الموقف
فى هذه الأثناء تقدم الرائد الموجود فى الكمين نحونا و كان يتحدث بهدوء مع السائق بعد أن تأكد من رخصة قيادته و هويته و طلب منا جميعاً أن ننصرف نحو السيارة و أعطى للسائق أوراقه ليعود هو أيضاً ليكمل رحلته ,, و لكن فجأة ظهر شخص لم أحدد رتبته لأنه لم يكن يلبس زيه الميرى كاملاً و لكن بدا لى و كأنه رأس الكمين ,, كان يتحدث بصوت عالى و غليظ : " هى الناس دى واقفة كده ليه يا سيادة الرائد ؟ "
فأجابه أحد الركاب : " طب حضرتك اتكلم بالراحة "
فرد هذا الشخص و قد انتابته حالة من الغضب : " طب تعالالى بقى ,, مضايقك ده يا سيادة الرائد ؟ "
و قبل أن يجيبه الرائد كان هذا الشخص الضخم قد حمل الراكب ( الشاب ) من ملابسه و دفعه بعيداً و أمر المجندين أن يذهبوا به إلى داخل مبنى يستعمله أفراد القوات المسلحة كمقر لهم ,, و أدخلوه بالفعل بعد أن قاموا بضربه و إهانته بأقذع الألفاظ .
و أمرنا الرائد بالإنصراف ,, فركبنا جميعاً السيارة و تقدمنا بضع أمتار لنكون خارج الكمين و انتظرنا قليلا لنرى ماذا سيحدث مع هذا الشاب .
و تطوع أحد الركاب للدخول إلى المبنى لنعرف هل سيخرج الشاب ليواصل رحلته مع الباقين أم سيظل رهن الحبس داخل المبنى ,, و عندما دخل الراكب المتطوع و جدهم مازالوا يضربونه و سأله أحد المجندين : " بطاقتك فين ياد؟"
أجاب الشاب و هو يبكى : " معاه "
فضربه المجند و قال له : " اسمها مع الباشا يا روح أمك "
و قال الرائد للراكب المتطوع :  " أنت هتمشى ولا نقعدك معاه "
فرد الراكب : " طب يعنى هو مش هيخرج ؟ "
أجاب الرائد : " لأ مش هيخرج ده عليه قضية مخدرات "
فخرج الراكب المتطوع بعد أن خاب أمله فى أن يعود بهذا الشاب الذى لم تظهر عليه أى علامة من علامات الإجرام فقط كان كل جرمه أنه طلب أن يُعامل بإحترام ,, و بعيدا عن الحكم بالمظاهر فلنحتكم سوياً للمنطق ,, لم يكن لهذا الشاب أن يتحرك من مقعده و يخرج من السيارة إذا كان عليه أى من القضايا ,, كان سيفضل البقاء فى مكانه تجنبأ لأى إحتكاك يعرضه للخطر ,, ولكن هذه الرصاصة الطائشة التى خرجت من المجند كان لابد لها من كبش فداء و قد كان هذا الشاب هو كبش الفداء لتكتمل ملابسات إطلاق الرصاصة و لا يدان هذا المجند على فعلته التى كانت من الممكن أن تتسبب فى إصابة أو موت لأحد الموجودين .
رجع الراكب المتطوع إلى السيارة و انصرفنا جميعاً فى طريقنا عائدين إلى منازلنا تاركين خلفنا شاباً اهُدرت كرامته و كرامتنا جميعاً بالعجز ,,  لا ندرى ماذا سيكون مصيره و مصائرنا جميعاً فى هذه المحروسة .


مينا هانى
30-9-2013
11:00 AM

Friday 20 September 2013

دستور وليد- ٢٠١٣

"لماذا تبرزت العصفورة علي قميص وليد الجديد؟"
ذلك هو السؤال الذي شغل بال ممدوح وهو ذاهب للبار الذي إعتاد الذهاب له في ليالي السبوت في وسط البلد.
لم دري ممدوح هل المشكلة ف العصفورة أم في وليد أم في قميصه. وهل ياتري كان الحل في قتل كل العصافير في القطر المصري أم تقديم البامبرز لهم بإعتباره منتج عصري حداثي.
وهل يليق أن تتأثر علاقة الإنسان بأخيه الإنسان بسبب ماحدث لقميص وليد؟
الحقيقة أن غضب وليد بخصوص ما حدث لقميصه جعله يذهب إلي حيث لم يكن يتصور أبداَ أبدا أن يذهب.

ذهب وليد إلي من سيقومون بكتابة دستور مصر-حفظها الله وأعانها علي من عادوها أو أعانوها.

كان وليد شديد الحرص والتحريص علي الإستفادة من أخطاء الماضي بحيث لا يتم تكرارها فالمستقبل.
القضية بسيطة،، إقتحم وليد الجلسة وسط إنبهار الجميع مما أقدم عليه. كانت ملامحه غاضبة وواثقة. زاد إنبهارهم إنبهارا حينما وجدوه يتجرد من قميصه ويرفعه أمام الحضور في غضب.

رفع رئيس الجلسة رأسه ونظارته التي كانت قد إنزلقت فوق أنفه،،،ثانيتان ورفع حواجبه أيضا في إنبهار وهو ينظر لوليد وقميصه. قال أحد الأعضاء :"خير يابني؟"
لم يحرك وليد وجهه أو ينظر لمن خاطبه، لكن إكتفي بأن وجه يده حاملة قميصه بإتجاهه.
ظل وليد وهو توبليس/عاري الصدر يصرخ حاملا قميصه ويخرج كلام أقل وضوحا مما كان يقوله السلف الأول للإنسان قبل ظهور بوادر اللغات الأولي في موسم التزاوج.

دخل عامل البوفيه وظل يجمع أكواب الشاي والقهوة البلاستيك لكي يقوم بغسلها ليعيد تقديمها للبهوات توفيرا للنفقات المصروفة من قبل الدولة لمصانع البلاستيكات ودعما لأسرته التي تحتاج لثمن هذه الأكواب أكثر من صاحب مصنع البلاستيك.

إستمرت الجلسة بشكل طبيعي. زادها فقط قيام وليد بالتجول وسط الغرفة بدون أن يلتفت له أحد. كان من وقت للأخر يرمي قميصه علي هذا العضو أو ذاك،، بغير رد فعل يذكر منهم.
بعد فترة ليست بالطويلة شعر وليد بالملل. ففتح الباب الذهبي الموجود في أخر القاعة،، مرر وليد من الباب ووجد نفسه في أمامه ستارة كبيرة تبعد عنه حوالي متر ونصف.
ذهب وليد بإتجاه الستارة،، فلما بعد عن الباب إنغلق الباب وحده في هدوء. تقدم وليد وإخترق الستارة ،، إلتفت بإتجاه وليد أكثر من مئة فرد واقفين في غرفة طويلة علي أولها المنصة التي يقف عليها وليد وأخرها باب عليه بعض الحرس. فهم وليد من هيئة من وقفوا أمامه وإنتبهوا له أنهم صحفيين يمسكون النوت والأقلام ويوجهون تجاهه الهواتف النقالة،،، لم يلحظ أيضا وجود مصورين لقنوات فضائية.
سألت صحفية وليد:"إتكلمتوا علي إيه جوة يافندم إنهاردة؟"
فرفع لها وليد قميصه المحمل بأثر تبرز العصفورة.
لم تفهم الصحفية ما أشار له وليد،، فسأل صحفي أجنبي وليد سؤالا بعربية ركيكة وقال له:"ماذا عن المؤتمر الصخفي السابيك الاذي تخدث عن رفض تغبير (غيرُ الموزلمين) بدلان مين (الماسيخيين والياخود) ؟'
هنا نطق وليد،،،:"بص أخاواجة،، دي خصوصية مصر. مصر بلد دستورها هيمنع العصافير من ال (،،،) علي قميصي زي ماهيقدر يمنع الكفار من عقائدهم دي."
نصق أحدهم:"يعني إيه؟"
قال وليد بهدوء،،:" داستور الجامهورية هيمنع العصافير من التبرز علي هدوم المواطنين،،حماية للمقدسات لامؤخذا،،" نظروا له بإستغراب وهو يكمل :"قول يابونا وقول يا شيخنا،، يعني إيه تلات
وسبعين؟ عمة أبونا وشيخنا مش مقدسات؟ طب يصح تتبرز عليهم العصافير زي ماتبرزت علي قميصي؟" هز الحضور رؤسهم يمينا ويشارا كالبندول وأكمل وليد: "ولذلك،، فكل مواد الدستور ستعاقب العصافير المتبرزة علي هدوم المواطنين وأولهم العبدولله،، وليد"
رد أحد الصحفين:"كل مواد الدستور؟؟ يعني،،، ؟"

مينا ضياء
٢٠/٩/٢٠١٣
١٠:٤٢ pm

إقرأ أيضا:

Tuesday 3 September 2013

الرحلات الأخيرة إلي القاع

ليلة غير سعيدة مرت علي ركاب السفينة الخشبيةالعملاقة "سان أرياس".

قمر مٌحتجب وأمواج تلطم السفينة يمينا ويساراوالأشياء تتساقط من علي الأرفف والطاولات و ركاب يترنحون كالسكاري وماء يهجم عليالسطح وينسحب منه من خلال الفتحات الموجودة تحت السور المحيط بسطح السفينة.

كان "ألفونسو" يجري حائرا هناوهناك ماسكا قطعة خشبة بحجم كف اليد في يده اليسري ,, حاملا صديقه فوق كتفه وقدأقسم بأجداده بألا يتخلي عنه مادام حيا... لا أدري مادام هو أو صديقه. لكن مفترضأن يكون مادام كلاهما حيا.

جري "ألفونسو" بإتجاه مراكب النجاةوهو يتذكر الرحلة منذ بدايتها. بعدما تعرف علي صديقه في أحد الجزر المُكتشفة حديثاوكيف أنه لم يستطع أن يعود به للوطن في أوروبا بالطرق القانونية فإضطر إلي التلاعبوالخداع و أخذه معه في أرخص أماكن السفينة حيث كان "ألفونسو" شبه مفلس.لم يجد ألفونسو ما يقدمه لصديقه من الطعام في أول الأمر....

كانت هذه من الرحلات القليلة جدا التي لم تكنخلالها بطن السفينة ممتلئة بالركاب الذين ركبوا إما بنية التهرب من الدفع أو الذينتعهدوا بالقيام بأعمال خدمية علي السفينة لدفع أجرتهم. لذلك فقد إستطاع "ألفونسو"وصديقه الحصول علي بعض الخصوصية في بطن السفينة.

لم يفهم "ألفونسو" حتي هذه اللحظةسبب غضب كل من كان يراه هو وصديقه في وسط الهرج والمرج.. لكن لم يكن هناك الوقتالكافي لأي من الغاضبين لكي يصرح عن سبب غضبه. كانوا يكتفون بالنظرات الغاضبة وبعضالشتائم ربما لكنهم يترنحون سريعا إما للبحث عن ذويهم أو ممتلكات وأغراض نسوها فيقمراتهم الفاخرة... يا خسارة كانت هذه القمرات الفاخرة والممتلكات الثمينة التي قدنساها أصحابها إما ستذهب سريعا إلي قاع المحيط أو سيسرقها أي من الغوغاء الذينقرروا إستغلال هذه اللحظات المضطربة لتحقيق ربح مادي سريع. لكن هذا كله مرتبطبقدرتهم علي حمل الأشياء الكبيرة والركوب بها في قوارب النجاة (وتحاشي الركوب فينفس القارب مع أصحاب الأغراض وهذه بالذات في يد الحظ والصدفة فقط) أو الإتزان بهاعلي لوح خشبي –باب سابقا ربما- والإنتظار لمجئ النجدة متمثلة في السفينةالإنجليزية القريبة التي قال القبطان أنها قد تواصلت معاهم بالنور.

كان طاقم البحارة في غاية الإندهاش وهميحاولون تنظيم الجموع الفارة من الغرق بإتجاه قوارب النجاة. كانوا مندهشين منالكارثة التي ضربتهم,,, لأن هذه الرحلة كانت قد سبقتها فترة عَمرة مرت بها السفينةأرجعتها لشبابها وقوتها السابقة.

كانوا كلهم يسألون بعضهم البعض عن سبب حدوثتسرب مائي بشكل منتظم في بطن السفينة منذ ساعتين أو ثلاثة علي الأكثر؟ ماذا حدثوتسبب في كل هذه الثغرات الشبه دائرية الغير منتظمة؟؟ كل هذه الأسئلة كانت قبلرؤية "ألفونسو" وتسببت نظراتهم في زيادة شعوره بالإضطهاد.

شك "ألفونسو" في إحتمالية نجاحه فيركوب قارب النجاة وصديقه فوق كتفه,, فتسلل إلي داخل أحد الحجرات وأدخل صديقه تحتكتف سترته حتي يستطيع الركوب.

وبالفعل. نجح "ألفونسو" في ركوبقارب النجاه وصديقه راكبا علي كتفه. إبتسم "ألفونسو" لمن حوله لكن لميلتفت له أحد, فأدرك أنه إما غير مهم أو أنهم لديهم هموم أكثر أهمية منه في هذهاللحظة. كانت هذه من المرات القليلة التي لم يحزن خلالها "ألفونسو"لفشله في لفت الإنتباه.

قرر "ألفونسو" أن يُحَدث صديقه الساكنفوق كتفه فأعطي ظهره للركاب ونظر بإتجاه البحر وهو واقف بداخل قارب النجاة وأمال 
رأسه بإتجاه كتفه الأيمن ورفع كتفه بإتجاه رأسه أيضا وهمس : "لا تقلق ياصديقي الجرذ. لقد تم إنقاذنا,, نحن الأن ذاهبان بإتجاه سفينة خشبية إنجليزية ربمايكون مذاقها أفضل بالنسبة لك,, لا تقلق يا صديقي, فقد أحضرت لك بار\قطعة مستطيلةخشبي.."ووضع يده اليسري حاملة قطعة الخشب بداخل سترته بإتجاه كتفه الأيمنوأكمل "... لكي لا تجوع قبل أن نصل لسفينة الإنجليز."
تمت.

مينا ضياء
4\9\2013
7:10am

" الحب خلف جدار الوهم "

وصل إلى منزله فى ساعة متأخرة ,, كان الجميع نياماً لم يشعر أحد بمجيئه ,, جلس على أريكته البالية ، و مال برأسه إلى الخلف ، و اغمض عينيه و سرح قليلا ...
 ثم اخرج هاتفه من جيب بنطاله الذى اتسخ من ماء المطر ، و نظر إلى هاتفه وظل يمر بين الأسماء والأرقام ,, ثم توقف عند هذا الاسم العذب الذى طالما اسعده ترديده و سماعه ، و خالجه ذلك الشعور الذى يجتاح المدمن إذا ما تأخر عن تعاطى جرعته ,, فقد اشتاق إليها كثيرا ,, كادت روحه أن تنسحب منه و تفارقه فى تلك الليلة ....
امتلأت عيناه بالدموع و لكنه تمالك نفسه أخيرا ,, فلم يعد هناك بد من مواجهة الحقيقة
فقد انتهى كل شئ ,, وأصبح هو كجنين اختنق فى طريق خروجه من بطن أمه ,, فلا هو رأى الحياة ,, ولا هو مات فى مأمنه .
مزقته طاقته ,, هذه الطاقة التى لم تخضع أبداً لقانون بقاء الطاقة ,, طاقة الحب التى لا يمكن أن تنتقل لأحد سواها .
ظل هكذا لفترة لم يحدد طولها ؛ فقد الوقت أهميته ، وباتت كل الليالى متشابهة ، وتحولت مشاعره مع الوقت من مجرد مشاعر إلى جرعات سعادة مؤقتة تعينه على تحمل الحياة ,, فقط يكفيه أن يتذكر المرات القليلة التى رأها و حادثها ,, فقط يكفيه أن يتذكر ابتسامتها التى كانت تملأ الدنيا صفاءاً ,, فقط يكفيه أن يعيش فى ظل جدار الوهم اللذيذ ,, أملاً فى أن يلقاها مرة أخرى .

مرت السنوات متلاحقة ,, و تبدلت الأحوال و لكنه ظل محتفظاً بأيقونته الخاصة التى صارت عنده كأفروديت و فينوس .  
و فى إحدى المرات وهو عائد من عمله فى ليلة من ليالى الشتاء المطير ,, إذا بها أتية نحوه من بعيد ,, و لأول مرة منذ سنوات طويلة تكتمل الصدفة التى طالما تمناها و انتظرها بشدة  ,, و بشكل لا إرادى هاتفته مشاعره أن يذهب ناحيتها ,, قد تكون هذه هى المرة الأخيرة ,, و لكن شيئاً خفى بداخله منعه من الاقتراب ؛ فقد خاف أن تنهار تلك الصورة التى ظل محتفظاً بها داخله طوال هذه السنين ,, خاف أن تتحطم معابد أيقونته على صخرة الواقع ,, و فضل أن يضع هو النهاية وأن يظل يحبها فى داخله فقط ,, ظل ساكناً لا يتحرك إلى أن عبرت أمامه و نظرت فى وجهه و لم تعرف أنه هو ,, و سارت فى طريقها مسرعة تحاول الإحتماء من المطر ,, أما هو فأدار ظهره و مضى فى طريقه . 

مينا هانى
2-9-2013
2:00 PM