ليلة غير سعيدة مرت علي ركاب السفينة الخشبيةالعملاقة "سان أرياس".
قمر مٌحتجب وأمواج تلطم السفينة يمينا ويساراوالأشياء تتساقط من علي الأرفف والطاولات و ركاب يترنحون كالسكاري وماء يهجم عليالسطح وينسحب منه من خلال الفتحات الموجودة تحت السور المحيط بسطح السفينة.
كان "ألفونسو" يجري حائرا هناوهناك ماسكا قطعة خشبة بحجم كف اليد في يده اليسري ,, حاملا صديقه فوق كتفه وقدأقسم بأجداده بألا يتخلي عنه مادام حيا... لا أدري مادام هو أو صديقه. لكن مفترضأن يكون مادام كلاهما حيا.
جري "ألفونسو" بإتجاه مراكب النجاةوهو يتذكر الرحلة منذ بدايتها. بعدما تعرف علي صديقه في أحد الجزر المُكتشفة حديثاوكيف أنه لم يستطع أن يعود به للوطن في أوروبا بالطرق القانونية فإضطر إلي التلاعبوالخداع و أخذه معه في أرخص أماكن السفينة حيث كان "ألفونسو" شبه مفلس.لم يجد ألفونسو ما يقدمه لصديقه من الطعام في أول الأمر....
كانت هذه من الرحلات القليلة جدا التي لم تكنخلالها بطن السفينة ممتلئة بالركاب الذين ركبوا إما بنية التهرب من الدفع أو الذينتعهدوا بالقيام بأعمال خدمية علي السفينة لدفع أجرتهم. لذلك فقد إستطاع "ألفونسو"وصديقه الحصول علي بعض الخصوصية في بطن السفينة.
لم يفهم "ألفونسو" حتي هذه اللحظةسبب غضب كل من كان يراه هو وصديقه في وسط الهرج والمرج.. لكن لم يكن هناك الوقتالكافي لأي من الغاضبين لكي يصرح عن سبب غضبه. كانوا يكتفون بالنظرات الغاضبة وبعضالشتائم ربما لكنهم يترنحون سريعا إما للبحث عن ذويهم أو ممتلكات وأغراض نسوها فيقمراتهم الفاخرة... يا خسارة كانت هذه القمرات الفاخرة والممتلكات الثمينة التي قدنساها أصحابها إما ستذهب سريعا إلي قاع المحيط أو سيسرقها أي من الغوغاء الذينقرروا إستغلال هذه اللحظات المضطربة لتحقيق ربح مادي سريع. لكن هذا كله مرتبطبقدرتهم علي حمل الأشياء الكبيرة والركوب بها في قوارب النجاة (وتحاشي الركوب فينفس القارب مع أصحاب الأغراض وهذه بالذات في يد الحظ والصدفة فقط) أو الإتزان بهاعلي لوح خشبي –باب سابقا ربما- والإنتظار لمجئ النجدة متمثلة في السفينةالإنجليزية القريبة التي قال القبطان أنها قد تواصلت معاهم بالنور.
كان طاقم البحارة في غاية الإندهاش وهميحاولون تنظيم الجموع الفارة من الغرق بإتجاه قوارب النجاة. كانوا مندهشين منالكارثة التي ضربتهم,,, لأن هذه الرحلة كانت قد سبقتها فترة عَمرة مرت بها السفينةأرجعتها لشبابها وقوتها السابقة.
كانوا كلهم يسألون بعضهم البعض عن سبب حدوثتسرب مائي بشكل منتظم في بطن السفينة منذ ساعتين أو ثلاثة علي الأكثر؟ ماذا حدثوتسبب في كل هذه الثغرات الشبه دائرية الغير منتظمة؟؟ كل هذه الأسئلة كانت قبلرؤية "ألفونسو" وتسببت نظراتهم في زيادة شعوره بالإضطهاد.
شك "ألفونسو" في إحتمالية نجاحه فيركوب قارب النجاة وصديقه فوق كتفه,, فتسلل إلي داخل أحد الحجرات وأدخل صديقه تحتكتف سترته حتي يستطيع الركوب.
وبالفعل. نجح "ألفونسو" في ركوبقارب النجاه وصديقه راكبا علي كتفه. إبتسم "ألفونسو" لمن حوله لكن لميلتفت له أحد, فأدرك أنه إما غير مهم أو أنهم لديهم هموم أكثر أهمية منه في هذهاللحظة. كانت هذه من المرات القليلة التي لم يحزن خلالها "ألفونسو"لفشله في لفت الإنتباه.
قرر "ألفونسو" أن يُحَدث صديقه الساكنفوق كتفه فأعطي ظهره للركاب ونظر بإتجاه البحر وهو واقف بداخل قارب النجاة وأمال
رأسه بإتجاه كتفه الأيمن ورفع كتفه بإتجاه رأسه أيضا وهمس : "لا تقلق ياصديقي الجرذ. لقد تم إنقاذنا,, نحن الأن ذاهبان بإتجاه سفينة خشبية إنجليزية ربمايكون مذاقها أفضل بالنسبة لك,, لا تقلق يا صديقي, فقد أحضرت لك بار\قطعة مستطيلةخشبي.."ووضع يده اليسري حاملة قطعة الخشب بداخل سترته بإتجاه كتفه الأيمنوأكمل "... لكي لا تجوع قبل أن نصل لسفينة الإنجليز."
تمت.
مينا ضياء
4\9\2013
7:10am
No comments:
Post a Comment