تأثير الفراشة Butterfly Effect

وهى تعنى حدوث شىء صغير جدا يؤدى لحدوث سلسلة من الأحداث المترتبة على هذا الشىء الصغير ..
ما أومن به هو أن كل شىء فى هذا الكون يتم بحسابات دقيقة بارعة لا قبل لنا بها ، كل شىء محسوب ومقدر بدقة بالغة وتدخلنا فى مثل هذه الأمور إنما يفسدها ولا يمكن أن يقومها بطريقة أو بأخرى .. حتى لو كان تدخلنا بسيطا تافها ...الصورة من أعمال مينا هاني

Thursday 14 March 2013

+18. التعريص: الأفة البشرية -ج1 الثورة المصرية وأشياء أخري.


تحذير: هذه المقالة تحتوي علي لفظ يعتبر بذئ فالعامية المصرية, لكن العامية المصرية (لغتنا الجميلة) ولازم نشجعها برضك.

مبدأيا. التعريص فالعامية المصرية تعني: السكوت علي الخطأ والسعي لإخفائه أو تبريره كشئ منطقي بشرط الحصول علي هدف مادي أو معنوي أو أي مكسب منتظر.
أعلم أن هذا اللفظ ربما يكون سئ السمعة, لأن الثقافة السائدة (وإن كان هذا اللفظ وأقبح منه منتشرا فالطرقات وبين السائقين وأطراف المشاجرات ومشجعي الكرة ولاعبيهم وأبناء الشارع الواحد والأسرة الواحدة والوطن الواحد وعناصر الامة...ما علينا), لأن الثقافة السائدة تكره لفظ التعريص وتعشق المعرصين...وفي بعض الأحيان تعرص لتعريصهم (تبرر تعريصهم الذي هو تبرير لخطأ قام به أحدهم) فأعذرني.فالمكاشفة هي الحل.

يعتقد البعض أن الخطيئة الأولي كانت فالتعريص.. من ناحية عملية هو السبب في كل سقطات البشرية,, لأن حدوث الخطأ وارد,,لكن الخطيئة هي التعريص للخطأ. قد لا تكون المشكلة في أكل هذه الثمرة أو غيرها, لكن الإصرار علي الخطأ إما بتبريره أو بتلبيسه لأحدهم كان الخطيئة بالتزامن مع عدم الإعتراف بالخطأ أو الإعتذار عنه.

العالم الذي نعيشه هو في جوهره نقابة تعريصية كبيرة. هذه حقيقة وإن غضضت البصر ودشنت التابوهات وقدست المقدسات. التفاحة تسقط علي الأرض حتي وإن لم تعترف بالجاذبية ورأيك العاطفي لن يقدم أو يؤخر شئ.
يمتلئ العالم بالضجيج الناتج عن الشعارات الرنانة الجوفاء وهذا في حد ذاته من مسببات الصداع,,وعدم تحول هذا الشعارات لحقائق من أعراض التعريص.

مثلا يظن البعض أن الحرب العالمية الثانية قامت لمعاداة الحلفاء للنازي الألمان. نظرا لأن هتلر كان أبرز وجوه المحور وأكثرها 
تأثيرا. لكن الحقيقة ربما لا تكون بهذه "الملحمية"
البعض يرون أن المملكة المتحدة\الإمبراطورية البريطانية كانت تحارب النازية بل وأن الإتحاد السوفيتي كان يحارب النازية أيضا. 
لول.
إذهب لتجلب مشروبك المفضل وتعال لنضحك سويا. ستالين (هذا الديكتاتور) كان يحارب النازية وتشرلشل أيضا (رئيس وزراء أكبر إمبراطورية إستعمارية في ذلك الوقت)
هل تعلم أن ستالين وهتلر كانا في نفس الصف في بادئ الأمر؟ بل ويدفع البعض بأنهم كانا علي وشك مهاجمة إنجلترا لكن الشيطان قد دخل بينهم (ربما بمعونة ال MI6  أو رغبة هتلر في عمل لعبة كبري علي كل من الإنجليز والسوفيت)؟

هل ياتري تظن أن هذه الحرب (وهي الأبرز فالتاريخ الحديث) كانت ستندلع لولا تضارب مصالح كل هذه الإمبرياليات؟
نعم. حارب الإنجليز النازية,,وربما كان بعض الجنود لديهم دوافع إنسانية لخوض هذه الحرب ضد النازي والرايخ الثالث,,لكن القيادة لا يمكن تصويرها وكأن علي قيادتها غاندي أو الأم تيريز..شكرا لهم ليس أكثر ولا أقل. (بالمناسبة أنا أحب تشرلشل ومن معجبيه)
لماذا قامت الحرب إذن؟ نعم, بسبب ثار قديم فالحرب العالمية الأولي ولتعذر حدوث سايكس بيكو جديدة تضم كل الأطراف في أوروبا 
ومشاكل أخري في جنوب شرق أسيا.

نعود إلي أرض الواقع والزمن الحالي. ولنري أن مجموع الناتج القومي من التعريص  (جبريا بال - Absolute -  نظرا لتضارب الإتجاهات التعريصية) (وهو كبير) إذا قسمناه علي عدد السكان سنحصل علي نتيجة مذهلة.

فبدأ من إدعاء مبادئ مكذوبة ثم التراجع عنها حال تضاربها مع بعض الرؤي الدينية –وبالطبع إذا أعلنت تضاربك مع هذه الرؤي ستفقد الثواب وتلبس العقاب,, (إذا فهناك مكسب مادي ومعنوي منتظر) مرورا بالمواقف السياسية المرتبطة بالمصالح الضيقة أو الطائفية أو العشائرية والمغايرة لكل القيم والمثل العليا....وأخيرا سبب فشل نتيجة الإحتجاجات التي إندلعت في يناير 2011
التعريص الثوري هو أسوأ ظواهر الثورة\الإحتجاجات. بدأ من شعارات:"مهما حصل عمري ما هقول فين أيامك يا مبارك"
وهنا نري جوانب التعريص مكتملة الأركان.

فأولا: لا ينكر أحد أن الإحتجاجات ضد مبارك كانت صحيحة,,وذروتها كان يمكن تأجيلها ولا يمكن منعها.

ثانيا: ما الهدف من هذه المقارنة المليئة بالأخطاء المنطقية؟ لماذا النظر إلي الوراء والإدعاء بحدوث تغير إيجابي في حياة العباد والبلاد؟
الترويج بأن إحتجاجات 2011 أسقطت النظام المصري كان قمة التعريص من البعض وعدم النضج من البعض الأخر. لم يكن مبارك هو النظام. بل الBrand name. مثل أن أشتري زجاجات الكولا من الأنواع الشهيرة وأعبئها في زجاجات أخري وألزق عليها ماركة لإسم محبب إلي قلبك وأدعوك إلي مقاطعة الماركات الشهيرة. لول.
ثالثا: الحديث عن "عمري ما هقول فين ايامك يا مبارك" يدعي حدوث تقدم أونجاح ما (التخلص من مبارك) لكن هذا منافي للمنطق 
والواقع.

فالهدف لم يكن التخلص من مبارك لشخصه أو لثقل دمه بالنسبة لمقايس ما أو عدم قيامه بغسل أسنانه قبل النوم –99% ممن شاركوا فالإحتجاجات لم يقابلوا مبارك ليحبوا شخصه أو يكرهونه- لكن التخلص منه كان وسيلة للوصول لشئ أفضل (عيش - حرية عدالة - إجتماعية)

الأحكام تكون دائما علي النتائج وليس علي النوايا. هل وصلنا إلي ماكنا نبتغيه (حتي هذه اللحظة)؟

هل شتمت مبارك لأنه كان حجر عثرة في طريق التداول السلمي للسلطة أم لأنه لم يكن حجر العثرة المناسب لأيديولوجيتك  في طريق التداول السلمي للسلطة؟

يجب التوقف علي مغازلة الذات,,فالتوقف عن التعريص لأجل الثورة تماما ونهائيا هو ضرورة حتمية للوصول لنتائجها الخاصة بحياة أفضل للمصريين.

الموضوع بسيط. تصور نفسك وقد أردت أن تلعب شطرنج أونلاين لمدة ساعة واحدة فقط..وبدأت دور بأخطاء وأردت أن تعالجها,,فعالجتها بأخطاء مضاعفة,,,إذا لم تقرر أن تنهي هذا الدور الأن, ستضيع وقتك وهذه الساعة المقررة من قبلك في سخافات لا طائل منها. كلما إعترفت بخطأ تكتيكاتك وإستراتيجياتك مبكرا كلما زادت إحتمالية أن تلعب دور أخر بشكل أفضل.

لن يمكنك أن تبدأ مباراة جديدة بدون أن تنهي القديمة. والمباراة القديمة لن تنتهي إذا لم تدرك أخطائك,,حتي وإن إنتهت شكليا وبدأت مباراة جديدة ولكن بنفس القواعد والإستراتيجيات والتكتيكات القديمة فتكون بكل بساطة كمن يصنع أجزاء جديدة من نفس المسلسل الفاشل دون أن يفكر لماذا فشل فيصنع مسلسل جديد أنجح.أعني أن  تقول: "المباراة القديمة مستمرة".

مينا ضياء
15/3/2012

No comments:

Post a Comment