ملحوظات مهمة قبل أن تقرأ.
- إذا كنت مسيحي من أنصار "حكمة البابا" فهذه المقالة لك, إذا كنت من المسيحيين الذين فطموا سياسيا عن كنيستهم,فقد يساعدك هذا المقال وأنت تحاور النوع السابق. إذا كنت غير مسيحي ولا تهتم بهذا المقال من حيث المبدأ فأنا أعتذر لك وأعدك بأن أعود للمواضيع العادية في أقرب فرصة,وإذا كنت غير مسيحي ولديك حب إستطلاع فأهلا بك في أي وقت.
- إيماني وقناعتي بالأسس اللعلمانية والليبرالية لم أتخل عنه وأنا أكتب هذه المقالة أو أفكر في الشروع لكتابتها,,ولكن ما دفعني لكتالة هذه المقالة بهذا الشكل وتطعيمها بالأمثلة والأيات المسيحية سببه معاناتي من إستخدام العديد من أبناء الفكر اليميني من المسيحيين للعديد من الأيات والأقوال والأمثلة في غير موضعها وفي بعض الأحيان بعكس معناها. لذا رأيت بأنني يجب أن أجمع هذه الأفكار وأرد عليها مرة واحدة – إلي أن تظهر منهم أفكار جديدة- لأنني لاحظت أن أغلبهم يستعمل نفس الأيات,والأقوال والأمثلة-كأنهم كانوا بيذاكروا مع بعض!- حتي لا أكن مضطر لتكرار نفس الكلام مئات المرات خلال حديثي مع أي منهم سواء بشكل شخصي أو عبر تعليقات الفيسبوك.
إذا أردت أن تصنف المسيحيين المصريين فيمكنك أن تصنفهم إلي 3 فئات أساسية.
الفئة الأولي: العلمانيين ومن تحرروا من سلطان الكنيسة العقلي والسياسي عليهم
الفئة الثانية: من هم علي الباب, وهي فئة الأمل لا بأس به تجاهها هم لم يتحرروا كليا,أو لعل بعضهم يفكر في التحرر لكن تمنعه أشياء ثانوية علي شاكلة الأعراف والتقاليد والخجل من إعلان العصيان ومعارضة "الكبار"
الفئة الثالثة: وهم من ظلوا حتي هذه اللحظة حبيسي الكنيسة عقليا,ومن خصائصهم أنهم يخلطون بين البابا المسيح ومن يصفون البابا "رأس المؤسسة الكنسية " بأوصاف أسطورة يغلب عليها المزايدة.
عندما تتكلم مع أبناء الفئتين الثانية والثالثة ستجد هذه الجمل الخالدة متكررة بكثرة :
"في العالم سيكون لكم ضيق"-"ربنا قالنا هايكون فيه ضيقة وإضطهاد"-"الرب يدافع عنكم وأنتم تصمتون"-"السياسة ملناش فيها"-"البابا بيمثل المسيح"-"حكمة البابا" "مملكتي ليست من هذا العالم"-" لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ" – "من لطمك علي خدك الأيمن.."
وفي الحقيقة أن هذه الجمل –التي هي بعض من كل- تمثل كارثة وجريمة من وجهة نظري في فهم المسيحية من حيث مبادئها. هذه الجمل ليست إلا "حجة البليد" أو نسخة باهتة من المسيحية -التي تعد معتنقيها بملكوت وحياه أبدية بعد الموت – يستعملها المسيحيين لكي يريحوا ضمائرهم من نضال مجتمعي وطني يجب أن يقوموا به لأجل أبنائهم وأحفادهم من بعدهم. كم أتمني أن يقولوا "نحن كسالي,نحن تنابلة,," بدلا من أن يسوقوا أشياء أيات وأدبيات مسيحية "بشكل معثر في غير محلها".
فمثلا جملة مثل :
"في العالم سيكون لكم ضيق"
يتم إستخدامها "لتبرير وجود ضيقة ومنغصات" وهذا حقيقي, لأن الجملة في حد ذاتها جملة "خبرية",,لكن الغريب أنها يتم إستخدامها للدفاع عن الإستسلام والإستكانة وهو الشئ الغريب لأنه لم يكن هذا هوالهدف من هذه الجملة أصلا!! مما يدفع للسؤال الأتي: لماذا لا يذكرون نصف الأية فقط؟! لماذا لا يكملوا بقية الأية ؟ " فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ" (يو16 :33) الأية جملة خبرية وفي معناها الحقيقي من المفترض أن يتم إستخدامها للتشجيع للمقاومة بدلا من التشجيع علي الخنوع!!,,لأن الإخبار "بوجود ضيقة قادمة" يختلف عن "النهي عن مقاومة هذه الضيقة" (وهو ما لم يحدث!)
وغالبا ما يكون الرد علي النقطة السابقة بالأية التالية : "الرَّبُّ يُقَاتِلُ عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ" (خر 14:14)
والحقيقة أن هذه الأية أحد الأيات المظلومة من قبل من يقومون بتطويعها للترويج للصمت والخنوع,لكني أدعوك لقراءة الإصحاح كاملا لتكتشف الموضع الذي قال فيه الله هذه الأية وما كان قصده! ستكتشف أن هذا الموقف تحديدا كان بنوإسرائيل في مواجهة غير متكافئة مع الجيش المصري الذي خرج وعلي رأسه فرعون بكامل عتاده ليعيدهم فكان لزاما علي الله التدخل لينقذهم من يد فرعون. لماذا لم يفعل لله هذا وقتما حارب يشوع الدول المجاورة للوصول "لأرض الميعاد"؟؟ (صحيح أنك ستقول لي أن الله كان يساعدهم,, ولكن هذا طبيعي أن يساعدهم,,ولكنه لم يقل لهم أن هدفهم سيصلهم جاهزا بدون أن يسعوا له ). الشئ المنطقي من هذه المقارنة أن الله يتدخل تدخل معجزي –بحسب إيمانك- حينما يستعصي التدخل البشري عن الحل!!
يتضح هذا في معجزة إقامة لعازر, أن يسوع طلب منهم أن (يحركوا الحجر)-وهو شئ علي قدر إستطاعتهم, بينما قام هو بالشئ المعجزي (إقامة لعازر من الموت)!
غالبا أنت تؤمن بأن المسيحيين تسببوا في نقل جبل المقطم وقت "المعز لدين الله الفاطمي". وبالضرورة تعرف القصة كاملة بأنهم كانوا عرضة للإبادة أو التهجير إن لم يقوموا بنقل المقطم من مكانه الأصلي,,وبالتالي أي تفكير بشري لنقل المقطم وقتها محض هراء (حتي في العصر الحديث لا توجد التكنلوجية المناسبة لذلك) لأن الوالي و وزيره طلبوا من المسيحيين بشكل صريح أن ينقلوا الجبل بصلاتهم (حسب ما جاء في القصة إللتي تؤمن بها)
يتضح من الأحداث شيئين ,الأول: الطلب كان أن يقوموا بهذا الفعل ب"الصلاة" (لأن التحدي الذي أتاهم ملخصه أنهم عليهم أن يحركوا الجبل بإيمانهم بإلههم- للتحقق من صحة أحد الأيات التي أتت في الكتاب المقدس-" لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل ، لكنتم تقولون لهذا الجبل أنتقل من هنا إلى هناك فينتقل ، ولايكون شئ غير ممكن لديكم " ( مت 17 : 2 ))
الثاني: أن هذه الحادثة حدثت مرة واحدة (لو إنت مقتنع بيها) ولن تتكرر مجددا! وإلا أصبح كل مهندسي الطرق عواطلية بسبب تفرغ المسيحيين لنقل الجبال وشق الأنفاق!
الخلاصة,,أن الله لن يفعل لك شئ أنت قادر علي فعله,,وإن كان سيفعل ذلك أدعوك لأن تذهب إلي أقرب إمتحان بدون أن تذاكر ولتصلي كل الصلوات الموجودة في الأجبية والغير موجودة بها ولتقل لي النتيجة.
أما عن هاتان الجملتان فهما يأتيان من الصنف الثالث فقط,,,"البابا بيمثل المسيح"-"حكمة البابا"
في الحقيقة أنا لا أدري متي قيل ومن قال أن البابا يمثل المسيح؟! في إعتقادي الشخصي أن الجملة الأولي هي نتيجة للجملة الثانية.
الجملة الثانية "حكمة البابا" ما هي إلا النسخة المصرية (سلوك تطبيقي لا أساس عقيدي له) من البدعة التي تقول الكنيسة الأرذوكسية أنها وقعت بها الكنيسة الكاثوليكية في العصور الوسطي (لا أعلم إذا ما كانوا تراجعوا عن هذه الفكرة أم لا),,هذه البدعة إسمها "عصمة البابا*"
تجد أحدهم يقول لك,,,"لا تنس حكمة البابا" ,,وأخر يقل لك :" أنا مش مقتنع أوي, بس هو أكيد له حكمة" – وكأنه يخجل من أن يقل بأنه علي خلاف صريح مع رؤية الكنيسة في الموضوع الفلاني!!! . "ماتنساش إن ربنا (الروح القدس) بيرشده"
العجيب أن المسيحيين يعلمون أن كل الهراطقة الكبار كانوا أساقفة وبطاركة –ومختارين من الله ويقودهم الروح القدس(حتي وقت معين) أيضا- لماذا تخجلوا من أن تعترفوا بخطأ ما قامت به قيادات الكنيسة؟,,نحن هنا نقول خطأ في موضوع بشري لا يمس العقيدة ولا اللاهوت!! (من الواضح أن النقد ليس لشخص البابا أو لحياته الروحية أو أي من هذا,بل هو تقد لتصرفات تحتمل الصواب و-عادة- الخطأ,تؤثر هذه التصرفات والقرارات علي حياه الكثيرين بشكل مباشر وغير مباشر!)
"مملكتي ليست من هذا العالم"\"إحنا مش من العالم"
عادة ما يستعمل ساكني الفئتين الثانية والثالثة هذه التعبيرات لتبرير رفض "المطالبة بالحقوق" بإعتبار أن من يطالب بحقوقه في العالم هو شخص "أرضي,شهواني,عدواني" فيما يحاولون هم أن يصفوا أنفسهم بأنهم "سمائيين,زاهدين,سلميين".
إذا حدث في وقت ما –بعد الشر طبعا-ورفض مديرك في العمل إعطائك راتبك الشهري ولجأت لي سأقل لك "يا فلان,,,مملكتي ليست من هذا العالم" ووقتها أرجو ألا تسب لي الدين.
الشئ الذي ينساه البعض أن راتبهم الشهري,مثله مثل حقهم في أن يعاملوا بأدمية,وأن يجدوا علاج مناسب,وأن يجدوا دور عبادة مناسبة تحتويهم,وأن يجدوا شرطة ودولة تحميهم وتحترم أدميتهم,وإقتصاد قوي وأجور تكفل حياه كريمة ومستشفيات وأدوية تكفل حق الإنسان في العلاج,,,,, كل هذه الحقوق وأكثر غيرها ليست مطالب شخص "أرضي,شهواني,عدواني" ولكنها مطالب أي شخص سوي علي وجه الأرض!!
الإقتباس القادم من رسالة بولس الرسول إلي أهل رومية( إصحاح 13) ,ولو علم بولس أن جملته هذه " لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ" يتم إستخدامها بهذا الشكل لكتب رسالة جديدة إلينا في هذا العالم التعس!
أرجو منكم أن تكملوا بقية الإقتباس !! لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ 2 حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً. 3 فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ،" أنظر عزيزي ماذا قال في الأية الرابعة: " 4 لأَنَّهُ(أي الحاكم) خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ." أي أن ما قاله بولس كان سببه (وشرطه) أن يكن الحاكم صالح!!
"من لطمك على خدك الايمن...."
يتم إستعمال هذه الجملة لتبرير الخضوع لقبول الإذلال أو هضم الحقوق,,لا أعلم من قال أن هذه الوصية هدفها ألا يشارك المسيحيين في النضال لجعل وطنهم أفضل! فهذا غير حقيقي لأن هذه الوصية هدفها التسامح في العلاقات البشرية والشخصية,,وليس العزل أو تقنين الخضوع وتحصين جرائم السلطة في حق الأضعف!!,,,
إذا كنتم ترون أنكم تمرون –بضيقة- أو بأن البلد تمر بوضع حرج فمن البديهي أنكم –بحكم إيمانكم- تؤمنون بأن "حياتكم ومواقفكم" وزنة ستسألون عليها,,,فأنتم مسؤلون عن ردود أفعالكم-تجاه الضيقة- ومسؤلون أن تجعلوا من هذا العالم عالم أفضل لكم ولمن هم حولكم, فلا تميلوا ناحية الكسل وتبحثون عن أيات لإراحة ضمائركم.
أخيرا أترككم مع قول المسيح الذي غفلتوه :"أعط ما لقيصر لقيصر,,وما لله لله" (مت 22 :21)!
أفيقوا ولا تستسلموا لأفكار التنبلة " إله السماء يعطينا النجاح، ونحن عبيده نقوم ونبني." (نح 2 :20)
يتبع,,
مينا ضياء
25\10\2011
9:00 pm
(عاوز أشكر أصحابي إللي راجعولي المقالة دي وإللي ساعدوني قبل أو بعد كتابتها إما بإمدادي بالأفكار أو النقط أو بالملاحظات)
* العصمة البابوية هي عقيدة كاثوليكية تم إقرارها في المجمع الفاتيكاني الأول عام 1870 في زمن حبرية البابا بيوس التاسع. تقر هذه العقيدة بأن البابا له سلطة شرعية علىالكنيسة الكاثوليكية كلها، لذلك وتحت شروط محددة فهو منزه عن الخطأ من قبل الله في مايخص قضايا تعليم الإيمان والأخلاقيات التي أرادها الله للكنيسة.
إقرأ أيضا "مرة واحد قعد يصلي 30 سنة ربنا يديله إبن,,,ربنا قاله إتجوز" -ل\لاري نبيل @larrynabil
رغم تحفظى على بعض الأفكار..الا انها بوست جيدة
ReplyDelete