إذا كنت من ذوي المشاعر المرهفة رجاء أن تغلق هذه الصفحة فورا ولا تكمل قراءتها ولتذهب لفبيسبوكك فهو أولي بك.
أحد الأخطاء المنطقية التي تؤدي إلي سوء التفاهبم بين البشر هو خطأ يمكن أن نسميه "إفتراض وحدة المرجعية". بمعني أن يظن أحد أطراف الحوار أن مرجعيته هي مرجعية عامة لكل البشر أو Global إن جاز التعبير. وغالبا ما يؤدي هذا الإفتراض "الخاطئ" إلي إصابة الطرف "المُفتًرٍض" له بإحباط من الطرف الأخر لأنه رفض الإعتراف بما إعتبره الطرف الأول حقيقة مسلم بها أو شئ لا يقبل النقاش أو الجدال,وقد يتطور هذا الإحباط ليتحول إلي هياج قد يؤدي إلي التراشق بالشتائم أو بالتهديد بالعنف أو تنفيذ هذا التهديد.
ويكون الموقف يشبه شخص يريد أن يعرًف طول شئ ما برقم معين (علي إعتبار أن الوحدة التي يستخدمها هي الوحدة التي يستخدمها الجميع –متر مثلا) ناسيا أن من يتحدث معه قد يكون معتاد علي إستخدام البوصة أو القدم أو أي وحدة أخري. فينتج عن سوء الفهم هذا دخول الشخص الأول في حالة هياج وهو يقول (سباعتاشر,,,سباعتاشر,,,باقولك سباعتاشر!!!!! إنت غبي؟؟ سباعتاشر يابن الو***)
(الجدير بالذكر أن مدرسين الرياضيات أو الدكاترة في الجامعات يقومون بطرح درجات لمن لا يضع وحدات بجانب الأرقام التي يجيب بها في الإمتحان)
سبق وذكرت سابقا* مثل علي هذا الخطأ :
من الحماقة عند محاولة إقناع الملحد بوجود الله الإستشهاد له بالأية الأولي في الكتاب المقدس "في البدء خلق الله السماوات والأرض."
(تك 1:1) لأنه غير مقتنع بوجود الله وغير مقتنع بالكتاب المقدس أصلاً.
ما دفعني لكتابة هذه المقالة هو إنني لاحظت منذ فترة ليست قصيرة (وتزداد الملاحظة بمرور الوقت) أن شباب التيارات الدينية,أو مناصري هذه التيارات بشكل عام يصابون بإحباط وبغضب شديد عندما يجدوا الأخر (والأخر الوحيد الذي يكون قادرا علي الإعلان عن ذاته في المجتمع المصري هو الأخر المسيحي,,لكن هذا لا ينفي وجود أخر ملحد أو أخر بهائي أو أي أخر له أي تعريف أخر لم يعلنوا عن أنفسهم لتفادي بطش المجتمع) رافض مثلا لأن يطبق ما يعتقد أبناء التيارات الدينية أن يطبقوه عليه.
لكي أكون أكثر تحديدا,,في أحد المرات وجدت شاب تيار ديني غاضب لرفض المسيحيين أن يدفعوا الجزية وسبب رفضه هذا -أنهم يرفضون تطبيق" كلام الله ورسوله"-حسب تعبيره.
الإشكال المنطقي الذي رفض هذا الشاب أن يفكر فيه,,أن هذا اكلام "كلام الله ورسوله" الذي يمثل لهذا الشاب "مرجعية روحية وفكرية" لا يمثل لمن يريدون أن يطبقوه مرجعية "روحية وفكرية" مثله,,لأنه إذا كان هذا الكلام يمثل لهم مرجعية مثلما يمثل له,لأصبح من يكلمهم مسلمين مثله ,وعندها يصبح أيضا حديثه معهم عن الجزية شئ غير منطقي!!
أحد مسببات هذا الخطأ المنطقي بالتأكيد هو مناخ المجتمع ونظام التعليم. إفتراض وجود الحقائق المطلقة لدي هذا أو ذاك. فمدرس الخط يفتي في الدين خلال حصته ,ورجل الدين يفتي في السياسية خلال خطبته,وفي النهاية تجد نفسك محاصرا وسط أشخاص جميعهم يروجون لأنفسهم علي أنهم أصحاب الحقائق المطلقة,الغير قابلة للشك لأن الشك يعتبر إما قلة إيمان إما بقائل المعلومة أو المصدر الذي قام بالإستشهاد منه –المرجعية.
لكي نكون أكثر تحديدا فيما يخص التعليم,فإذا فتحت كتب اللغة العربية التي تدرس في مدارسنا المصرية (وأنا هنا أتحدث عن الفترة التي كنت خلالها من ضحايا نظام التعليم, ما قبل 2007- لأنني بالطبع لا أعلم ما يتم تدريسة بعدما تركت المرحلة الثانوية,ولكنني لا أتوقع تغير حقيقي يذكر), سنجد أن مادة اللغة العربية مطعمة بالأيات القرأنية والأحاديث بكثافة شديدة جداً,,المشكلة الحقيقية ليست في وجود هذه الأيات أو الأحاديث,,ولكن لأنه لا يوجد غيرها.
بمعني أن هذا الوضع (وجود الأيات و الأحاديث فقط ) يعطي الطالب المسلم إيحاء خاطئ بأن مرجعيته ليست مجرد مرجعية وسط عدة مرجعيات,,,ولكنه يظن خاطأ بأن مرجعيته هي "المرجعية" للكل,فيتسبب هذا في إخراج المنتج البشري الذي نواجهه الأن.
فهذه المرجعية –حسبما يستنتج مما يشاهده –هي المرجعية التي يجاوب بها زميله الأخر في الإمتحان ليأخذ الدرجات جراء إجابته الإجابة الصحيحة مستخدما المرجعية الموجودة بكتاب الوزارة.. وهذا يفسر نوبة الهياج التي تجتاح شباب التيار الديني عندما يجد الأخر يصرح بخلاف مرجعية شاب التيار الديني,,لأنه رأه لمده 12 سنة يجاوب في الإمتحانات مستخدما مرجعية -شاب التيار الديني- وعلي هذا فإنه يظن خاطئا أن الأخر هذا قد "إنشق" أو وقع في فخ العمالة للصهيونية أو,إلخ عندما يصرح عن مرجعيته أو رؤيته للأمور,,لأن شاب التيار الديني لم يعلم من الأساس أن هذا الأخر لديه مرجعية أخري أصلاً!!! (كما ذكرت الأخر هو: الزميل المسيحي هو الوحيد القادر علي الإعلان عن نفسه,لكن لو كان بهائي أو ملحد أو أي بلا أزرق فهو غالبا ما يكون مختبئ)
للخروج من هذا المأزق الذي يؤدي إلي الخطأ المنطقي الذي ذكرناه "إفتراض وحدة المرجعية" .يوجد يوجد أحد حلين:
الحل لأول: وهو حل صادم للأشخاص شديدي الحساسية والمرهفي الحس وهو إخلاء المناهج التعليمية من المرجعيات الدينية والتركيز علي الإنسانية كقاسم مشترك أعظم بين البشر.
الحل الثاني: وهو حل أقل صدمة للأشخاص شديدي الحساسية والمرهفي الحس,وهو يعتمد علي إيجاد إستشهادات من الأديان والثقافات المختلفة وهو قد يبدو حل أكثر توافقية ولكنه يحتاج إلي سعة صدر وأفق لقبوله.
فمن غير المعقول تجاهل التراث البشري والإنساني كله والإعتماد علي مرجعية واحدة لإثبات شئ الما,, وإهمال الإستشهاد بالمرجعيات أخري ومن أقوال فلاسفة اليونان أو النصوص الفرعونية أو مما قاله بوذا أو كونفشيوس أو غيرهم ممن أثروا التراث الإنساني!!!
الحل الثاني من وجهة نظري هو الأفضل لأنه يجعل الطالب يستنتج ثلاثة أشياء مهمة:
1- يوجد شئ إسمه أخر.
2-هذا الأخر غير شرير بالضرورة.
3-يوجد شئ إسمه قيم إنسانية يمكن أن تجمع البشر علي إختلاف عصورهم وأعراقهم وأديانهم.
مينا ضياء
23\9\2011
1:00 am
*تم إستخدام هذه المثل في هذا المقال : تعريفات لتسع كلمات
مفيش حاجة اسمها قيم انسانية تجمع البشر ، دا كلام تهريج ورومانسية ساذجة زى مثلا يقول لازم احترم الثقافات الآخري، أو اتفهمها.. يعنى ايه اتفهم الثقافات الآخري دى؟
ReplyDeleteوليه احترم أو احتقر ثقافة ما من الأساس؟
موضوع المرجعية دى حاجة بتتكون في الطفولة أساسا، الطبيعى في المراهقة انك ما تسمعش الكلام وتكون مرجعياتك الخاصة، لكن بسبب مجموعة من الظروف المختلفة فاحنا في مصر عندنا أطفال كتير... زى الأمثلة الموضحة بالأعلى
علشان كدا انا بكرهه الأطفال لأنهم ممكن يكونوا طيبيين ويقتنعوا، وممكن يفضلوا يكرروا سبعتاشر سبعتاشر