الكاريكاتير هو تصوير أو تمثيل في رسمة ملونة (أو أبيض وأسود) لشخص أو لشئ بحيث يتم التركيز علي أحد خصائصه وصفاته لتبدوا ملفة للنظر, أوغريبة عن المعتاد أومثيرة للإعجاب بشكل أكبر من الحقيقي والطبيعي,,
في قاموس أوكسفورد
a picture, description, or imitation of a person in which certain striking characteristics are exaggerated in order to create a comic or grotesque effect:a crude caricature of the Prime Minister[mass noun] :there are elements of caricature in the portrayal of the hero
للكاريكاتير ثلاثة ملامح رئيسية:
1. المبالغة والتأكيد علي قبح,بشاعة,خسة,إلخ,,
2. تسليط الضوء علي تشوهات غير طبيعية بحدود معينة .
3. أي كاريكاتير يجب أن يشبه إنسان حتي وإن لم يكن يمثله بشكل حقيقي (كأن يرسم إنسان علي سطح القمر,وهو ليس رائد فضاء مثلاً)
الكاريكاتير هو عنصر اساسي من الصحف (كالأخبار ومقالات الأراء والحوارات ),,أغلب الأوقات يستخدم لإنتقاد وضع معين علي طريقة (المضحكات المبكيات,أو شر البلية ما يضحك),,فإذا لم يكن بهدف نقد وضع أو تصريح أو موقف معين والسخرية منه لا يكون الكاريكاتير كاريكاتير,,,قد يكون بورتريه لشخص,,أو رسم لمشهد أو ديكور ما.
اقترنت حرية الكاريكاتير بحرية الصحافة ,لأن إذا لم تكن لديك صحافة حرة, كيف ستتكمن أو ستتجرأ علي إنتقاد السلطات الحاكمة,أو المسيطرة أو أصحاب النفوذ؟
يتأثر الكاريكاتير بشكل كبير بالمناخ القمعي,,ففي بعض الأحيان قد يتحول لكاريكاتير يسخر من "الأعداء الخارجيين فقط",,أو كاريكاتير يمجد من السلطة الحاكمة "مثل الكاريكاتيرات التي إعتدنا أن نراها في عيد ميلاد الرئيس المخلوع,التي قد تظهر فيها مصر في صورة فلاحة وإبنها البار حسني مبارك يهديها سنبلة قمح,ومفك انجليزي ",,أو قد يندثر في النظم القمعية الأكثر راديكالية التي قد تحرم الرسم أصلا (طالبان وماشابه)
في النظم التي تتيح حرية الصحافة,حيث يكون الرئيس والطبقة الحاكمة نفسها تحت رحمة الصحافة ,يصبح الرئيس وأصحاب النفوذ أنفسهم مادة دسمة للكاريكاتورات السياسية اللاذعة.
الرئيس هناك ليس أب,ولا قائد,ولا حتي رمز,,فهو ليس أكثر من مفوض لإدارة شؤن البلد ولتمثيلها. (للمزيد يمكنك أن تقرأ هذه المقالة:حول الجمهورية المصرية الثانية)
يحكي علاء الأسواني عن رئيس فرنسي (غالبا ميتران) كان يشكو إليه أحد الوزراء من تعرضه للإنتقاد الشديد علي أيدي الصحافة الساخرة,,فرد عليه الرئيس :"لا يجب علي الخباز أن يشكو من حرارة الفرن",,
ايضا حكي الأسواني عن شارل ديجول (الذي قاد حكومة المنفي الفرنسية في لندن وقاد المقاومة ضد المستعمر النازي) الذي لم يجرؤ علي إغلاق الصحف الساخرة التي دأبت علي السخرية من اخطائه.
علي أي حال,, بعد رؤية الحملة التي قادها عدد من الشيوخ علي الفضائيات والسيد فاضل سليمان علي صفحته علي الفيسبوك بسبب إعادة نشر صورة قديمة مجهولة المصدر (اول ظهور لصورة ميني في منتدي سعودي في 2008) وقالوا انها تسخر من "سنن وشعائر الإسلام" – (يقصدون اللحية والنقب علي ما يبدو),,علينا أن نحاول أن نتخيل المستقبل.
فالإسلاميين يسعون للسلطة (ولا يخفون ذلك),,وعلي هذا,,فالسؤال الذي لم يسأله أحد هو "إذا ما توصل الإسلاميون للسطة,,ماذا سيكون موقف شيوخ الفضائيات والسيد فاضل سليمان في حالة نشر كاريكاتير عن رئيس الجمهورية (الذي سيكون غالبا بلحية)؟؟
هل ياتري لحية رئيس الجمهورية (بالإضافة لأنها أحد سنن الإسلام,,هي أيضا ستكون أحد أبرز ملامح وجهه) ستعطي رئيس الجمهورية الحصانة من أن يتم تمثيله في كاريكاتير؟؟
هل سيستمد رئيس الجمهورية حصانته,,من اللحية والقرأن؟
بمعني,,أنه سيقول بأنه يتبع حزب ذو مرجعية دينية,,وعلي هذا,,فإن معارضة هذا الرئيس ومعارضة هذا الحزب لن تكون معارضة لمواقفه الإقتصادية أو الأيديلوجية أو القومية أو البراجماتية,,ولكنها ستبدو بأنها معارضة "لله" لأن هذا الحزب لن يروج لنفسه بأنه يقدم رؤيته,,ولكنه سيقدم ويروج لنفسه بأنه ينفذ الرؤية الإلهية.
هل سيكون الرئيس فوق النقد من ناحية بسبب تحصينه لقراراته بالأيات والأحاديث,,ومن ناحية أخري لأن هيئته ستكون هيئة محصنة "بسنن الإسلام",,فلا تجوز السخرية منه؟؟
هل سيصبح الرئيس مثل الرسل,,أو الصحابة لا يجوز رسمهم؟؟ هل لحية الرئيس ستكون مثل القميص الواقي من الرصاص؟ فتكون هي الحائل بينك وبينه,,فتمنعك من أن تسخر منه بحجة أنك ستكون وقتها ساخرا من الدين (والعياذ بالله)؟؟
أتذكر أنه في عز جبروت مبارك,,وقمع الصحافة كان مبارك عرضة للسخرية سواء في الصحف المشاغبة (الدستور مثلا,أو في المدونات والكاريكاتيرات المنشورة علي الفيسبوك مثلا)
البرادعي,أو عمرو موسي,أو أيمن نور,أو حميدين صباحي,,أو أي مرشح لا ينتمي للتيار الإسلامي لا يوجد لديه ما يحميه من النقد اللاذع,أو السخرية, أو أن يكون عرضة ليرسم في كاريكاتير ساخر...فالبرادعي لن يمنع الرسامين من رسمه بحجة أن صلعته مقدسة,وأيمن نور لن يتحجج بسمو نظارته لقمع الرسامين ,وحميدين صباحي لن يدعي بأن خدوده تمثل أحد ثوابت الدين, وبالطبع عمرو موسي لن يستطيع يزعم بأن شعره الأكرت يدل علي إختيار إلهي,فصلعة البرادعي,ونظارة أيمن نور,وخدود الصباحي, وشعر موسي ليسوا بقمصان واقية للنقد أيها السادة
لا نريد رئيس مقدس
مينا ضياء
4/7/2011
5:37 am

No comments:
Post a Comment