تأثير الفراشة Butterfly Effect

وهى تعنى حدوث شىء صغير جدا يؤدى لحدوث سلسلة من الأحداث المترتبة على هذا الشىء الصغير ..
ما أومن به هو أن كل شىء فى هذا الكون يتم بحسابات دقيقة بارعة لا قبل لنا بها ، كل شىء محسوب ومقدر بدقة بالغة وتدخلنا فى مثل هذه الأمور إنما يفسدها ولا يمكن أن يقومها بطريقة أو بأخرى .. حتى لو كان تدخلنا بسيطا تافها ...الصورة من أعمال مينا هاني

Thursday 24 October 2013

"المحطة الأخيرة"

دخل إلى حبسه الإنفرادى لقضاء الليلة الأخيرة من مدة عقابه ,, غداً سيرى النور و يمشى طليقاً من دون أغلال  ,, كان قد اعتاد السجن و ألف جدران هذه الغرفة التى قضى فيها محبسه لأكثر من عشرين عاماً ,, كانت الغرفة صغيرة المساحة لا يتجاوز أكبر ضلع فيها المترين و النصف ,, جدرانها من الحجر القديم الذى التهمته الأملاح و غيرت ملامحه ,, بها مرتبة بالية موضوعة على الأرض إلى جوارها صفيحة صغيرة يقضى فيها حاجته .
جلس على المرتبة و استند بظهره إلى الحائط و ضم رجليه إلى صدره و احاطهما بيديه ,, لم يدرى وقتها هل كان مستيقظاً أم غلبه النعاس ,, و لكنه يذكر كل ما دار فى مخيلته فى تلك الليلة تذكر أول ليلة قضاها فى الحبس الإنفرادى ,, كانت الثوانى بطيئة المرور ، و كأنها جمال عطشى تائهة فى الصحراء ,, سالت دموعه من جفنيه كطفل فقد أمه ، و ملأت صرخاته جدران السجن ولا مجيب ,, أيقن يومها إنها حتماً نهايته ,, فقد سُلبت حريته إلى غير رجعة .
ضاق نفسه و شعر بإختناق شديد و كأن روحه تفارق جسده ,, فشرع يطرق الباب الحديدى بيديه ,, إلى أن أتى حراس السجن و فتحوا الباب ثم دخلوا الغرفة و طفقوا يضربونه بعصيهم إلى أن سقط على الأرض جثة هامدة و ظل هكذا حتى الصباح .
تذكر اليوم الذى تلى تلك الليلة العصيبة ,, كانت عظامه تئن فى داخله ,, لم يكن قادراً على الحراك ، و لكن نفسه بدت هادئة
و يبدوا أنه استسلم للواقع ، و ادرك أنه لا محالة من المقاومة ,, ففى كل مرة من المقاومة سيقابله الحراس بوجبة غنية من العنف المفرط .
مرت الأيام متشابهة ,, نهار يعقبه ليل ,, و ليل يعقبه نهار ,, لم يكن يميز الليل من النهار إلا من فتحة صغيرة نشأت عن تهشم جزء من الحجر فى جدار الغرفة ، و بقدر ما كانت الفتحة صغيرة و ضيقة ,, ضاقت روحه ,, و تمنى أن يموت بل و فكر مراراً فى الإنتحار ,, و لكنه كان أكثر جبناً من مواجهة مصيره المجهول .
و فكر فى نفسه ,, لماذا ظل هذه السنوات يميز الليل و النهار من هذه الفتحة الضيقة دون محاولة النظر من خلالها للخارج ؟
إنه الخوف من الأمل ,, خاف أن يدب الأمل فى روحه من جديد ,, و لكنها الليلة الأخيرة فلماذا لا يجرب النظر من هذه الفتحة ,, لن يضيره الأمل فى هذه المرة .

مال برأسه ناحية الحائط و وجه نظره للفتحة ,, و إذا به يغمض عينيه و يفتحها مرة أخرى لينظر فلا يجد جدار الغرفة و لا بوابات السجن ,, لا أثر للحراس ,, و هذه الفتحة أيضاً لا وجود لها ,, أصابته الحيرة ,, و ظل ينظر لكل ما حوله ,, أغمض عينيه و فتحهما مرة أخرى ظناً منه أن يكون نظره قد خدعه ,, و لكنه لم يجد أثر لأى شئ ,, فقط وجد نفسه فى مواجهة ذاته سجيناً لها .


مينا هانى
23-10-2013
11:00 AM
 


No comments:

Post a Comment