"
معضلة الصدق و الواجب "
صعد السلم و ازداد
خفقان قلبه ,, لم يكن يعلم لماذا خفق قلبه ؟! ,, هل كان هذا لأجل موت جدته أم لأجل
غيابه عنها و عن العائلة خمسة عشر عاماً ،
و بينما هو يفكر بدأ يدرك التغير الرهيب الذى أحاط بالمنزل من الخارج حتى كاد أن
يتوه عنه لولا ذاكرته الحديدية .
وقف قليلاً قبل أن
يطرق باب الشقة ,, و فكر ملياً فى الرجوع إلى منزله ,, و لكن شغفه برؤية عائلته
جعله يطرق الباب .
فتحت له عمته و لم تعرف أنه هو ,, و أحاطت بهما لحظات صمت كسرها هو قائلاً : " إزيك يا عمتو؟ "
- العمة : " أنت مين ,,, هشام ؟! "
ارتسمت على وجهها علامات التعجب الممزوجة بالفرحة و الشوق و الحزن على موت أمها - و لم تتردد –
و غابا معاً فى حضن عميق ، و لم يكن هو يشعر وقتها بأى شوق ,, توقف خفقان قلبه لم يفهم وقتها كيف طرأ هذا التغيير اللحظى المفاجئ على مشاعره من الشغف باللقاء و الحنين لذكريات الماضى ,, إلى البرود الذى كاد أن يجعله ينهى هذا الحضن الذى لم يشعر بصدقه ,, لم يفسر وقتها أكان هذا الحضن صادق أم هو حضن حتمى لهذا الموقف ؟!
انتهى الحضن و دخل هو ليسلم على ابن عمته ,, الذى لم يعرفه ,, كان السلام جافاً من كلاهما .
جلس على كرسيه القديم ، و بدأ نظره يجول فى المكان ,, لم يتغير شيئاً رغم مرور هذه الأعوام ,, إنه بيت العائلة ظل ثابتاً بصورته ، و لكن تغيرت الوجوه و قد نالت منها التجاعيد و انهار الشعر الأسود تحت وطئة غزوات الشعر الأبيض و الصلع . نظر إلى نفسه و قد صار شابً يافعاً فى مطلع العشرينيات من عمره ، و سرح باله فى شكله فى المستقبل عندما يتقدم به العمر حتما سيخضع لنفس النهاية
فتحت له عمته و لم تعرف أنه هو ,, و أحاطت بهما لحظات صمت كسرها هو قائلاً : " إزيك يا عمتو؟ "
- العمة : " أنت مين ,,, هشام ؟! "
ارتسمت على وجهها علامات التعجب الممزوجة بالفرحة و الشوق و الحزن على موت أمها - و لم تتردد –
و غابا معاً فى حضن عميق ، و لم يكن هو يشعر وقتها بأى شوق ,, توقف خفقان قلبه لم يفهم وقتها كيف طرأ هذا التغيير اللحظى المفاجئ على مشاعره من الشغف باللقاء و الحنين لذكريات الماضى ,, إلى البرود الذى كاد أن يجعله ينهى هذا الحضن الذى لم يشعر بصدقه ,, لم يفسر وقتها أكان هذا الحضن صادق أم هو حضن حتمى لهذا الموقف ؟!
انتهى الحضن و دخل هو ليسلم على ابن عمته ,, الذى لم يعرفه ,, كان السلام جافاً من كلاهما .
جلس على كرسيه القديم ، و بدأ نظره يجول فى المكان ,, لم يتغير شيئاً رغم مرور هذه الأعوام ,, إنه بيت العائلة ظل ثابتاً بصورته ، و لكن تغيرت الوجوه و قد نالت منها التجاعيد و انهار الشعر الأسود تحت وطئة غزوات الشعر الأبيض و الصلع . نظر إلى نفسه و قد صار شابً يافعاً فى مطلع العشرينيات من عمره ، و سرح باله فى شكله فى المستقبل عندما يتقدم به العمر حتما سيخضع لنفس النهاية
قاطعت عمته سرحانه
العميق
- العمة : "
تشرب شاى ؟ "
- هشام : " شكراً "
- العمة : " طب أعملك حاجة تفطر ؟ "
- هشام : " لأ ما تتعبيش نفسك أنا فطرت الصبح "
- هشام : " شكراً "
- العمة : " طب أعملك حاجة تفطر ؟ "
- هشام : " لأ ما تتعبيش نفسك أنا فطرت الصبح "
كان هشام هادئاً
على غير عادته فى السابق ,, كان يفضل الصمت أو الرد البسيط على كلمات الضيافة
المعلبة .
ابن العمة : " بس أمريكا و الإخوان طابخينها سوا
"
العمة : " ربنا يولع فيهم بجاز وسخ "
ابن العمة : " هيحصل كله مكتوب فى سفر الرؤيا أمريكا هتنهار ، و إسرائيل هتاخد من النيل للفرات و بعدها يقوم
يوم القيامة ,, كله مكتوب فى الانجيل و التفاسير بس ماحدش بيقرا "
هشام و قد كان لزاماً عليه التفاعل مع الحديث فاكتفى بإبتسامة خفيفة و قال فى نفسه " أنتوا بتجيبوا الكلام ده منين " و تعجب من ثقة ابن عمته و طريقة كلامه كباقى أنصاف المثقفين الذين يدعون إحتكار الحقيقة الكاملة .
خيم السكوت للحظات فقالت العمة لهشام : " تعالى ودع جدتك و بص عليها النظرة الأخيرة "
قام هشام و دخل إلى غرفة جدته فوجدها راقدة على سريرها ,, و تعجب من نفسه فقد كان ثابتاً لم يهتز جفنه بدمعة واحدة ,, و كأنه إعتاد الموت و الموتى كان هذا غريباً لشاباً مثله فى مقتبل العمر .
وصلت السيارة التى ستقل النعش ، و بدأت العمة فى الصراخ و البكاء و كان هشام يراقب الجميع ,, فنظر و إذا الجيران يشتركون فى ( واجب الصويت ) ,, لم يؤثر صراخهم فى ثباته و ذهب عقله فى تفاصيل الماضى حيث كانت جدته دائمة التشاجر مع الجيران ، و كانت تسبهم بأقذع الألفاظ ,, و كان لعمته دور بارز فى السباب و الإشارة بالإشارات النابية لهم من شرفة المنزل ,, و تعجب من تصرف الجميع ولكنه ظل فى صمته .
وصلت السيارة إلى الكنيسة لأداء صلاة الجنازة ,, و وقف كاهن الكنيسة ليعزى الحاضرين ببعض الكلمات : " لقد كانت أمنا الغالية الراحلة ثمرة من شجرة مباركة أثمرت و أفرزت لنا العديد من الخدام و الكهنة كأبونا فلان و أبونا فلان و الأخ فلان " ,, و بدأ يعدد أسماء كهنة العائلة
و تعجب هشام من طبقية الحديث و تقسيم الإنسان بحسب عائلته لا بحسب أعماله و اكتفى بالصمت الذى لا يملك المرء شئ سواه فى هذه المواقف .
ثم وقف على الباب ليسلم على الحاضرين و اصطف بجوار زوج عمته الذى كان يقول لكل من يسلم عليه من المعزين : " فى أتوبيس بره رايح المدافن " ,, و كأنها رحلة هو قائدها و مرشدها
توجه الجميع إلى المدافن و كان هو يعرف الجميع من أفراد العائلة و لا أحد يعرفه فقط ينظرون له من بعيد و يتهامسون فيما بينهم متسائلين " مين الشاب ده ؟! "
و جاءت اللحظة الحاسمة حيث دخل النعش محمولا على الأعناق و بدأت السيدات فى إحياء الزفة بالصراخ و البكاء و النحيب و ظل هو مراقبا ,, و كلما ارتفعت الأصوات زادت فى عقله ذكريات معارك جدته مع من ينوحون عليها ,, إلى أن دخل النعش قبره ,, اشتد الصراخ وقتها ,, و بدأ يتضائل رويدا رويدا حتى ساد الهدوء الموقف و انصرف الجميع ,, و جلس هو إلى نفسه وحيدا ,, و دارت فى عقله أسئلة مختلطة
العمة : " ربنا يولع فيهم بجاز وسخ "
ابن العمة : " هيحصل كله مكتوب فى سفر الرؤيا أمريكا هتنهار ، و إسرائيل هتاخد من النيل للفرات و بعدها يقوم
يوم القيامة ,, كله مكتوب فى الانجيل و التفاسير بس ماحدش بيقرا "
هشام و قد كان لزاماً عليه التفاعل مع الحديث فاكتفى بإبتسامة خفيفة و قال فى نفسه " أنتوا بتجيبوا الكلام ده منين " و تعجب من ثقة ابن عمته و طريقة كلامه كباقى أنصاف المثقفين الذين يدعون إحتكار الحقيقة الكاملة .
خيم السكوت للحظات فقالت العمة لهشام : " تعالى ودع جدتك و بص عليها النظرة الأخيرة "
قام هشام و دخل إلى غرفة جدته فوجدها راقدة على سريرها ,, و تعجب من نفسه فقد كان ثابتاً لم يهتز جفنه بدمعة واحدة ,, و كأنه إعتاد الموت و الموتى كان هذا غريباً لشاباً مثله فى مقتبل العمر .
وصلت السيارة التى ستقل النعش ، و بدأت العمة فى الصراخ و البكاء و كان هشام يراقب الجميع ,, فنظر و إذا الجيران يشتركون فى ( واجب الصويت ) ,, لم يؤثر صراخهم فى ثباته و ذهب عقله فى تفاصيل الماضى حيث كانت جدته دائمة التشاجر مع الجيران ، و كانت تسبهم بأقذع الألفاظ ,, و كان لعمته دور بارز فى السباب و الإشارة بالإشارات النابية لهم من شرفة المنزل ,, و تعجب من تصرف الجميع ولكنه ظل فى صمته .
وصلت السيارة إلى الكنيسة لأداء صلاة الجنازة ,, و وقف كاهن الكنيسة ليعزى الحاضرين ببعض الكلمات : " لقد كانت أمنا الغالية الراحلة ثمرة من شجرة مباركة أثمرت و أفرزت لنا العديد من الخدام و الكهنة كأبونا فلان و أبونا فلان و الأخ فلان " ,, و بدأ يعدد أسماء كهنة العائلة
و تعجب هشام من طبقية الحديث و تقسيم الإنسان بحسب عائلته لا بحسب أعماله و اكتفى بالصمت الذى لا يملك المرء شئ سواه فى هذه المواقف .
ثم وقف على الباب ليسلم على الحاضرين و اصطف بجوار زوج عمته الذى كان يقول لكل من يسلم عليه من المعزين : " فى أتوبيس بره رايح المدافن " ,, و كأنها رحلة هو قائدها و مرشدها
توجه الجميع إلى المدافن و كان هو يعرف الجميع من أفراد العائلة و لا أحد يعرفه فقط ينظرون له من بعيد و يتهامسون فيما بينهم متسائلين " مين الشاب ده ؟! "
و جاءت اللحظة الحاسمة حيث دخل النعش محمولا على الأعناق و بدأت السيدات فى إحياء الزفة بالصراخ و البكاء و النحيب و ظل هو مراقبا ,, و كلما ارتفعت الأصوات زادت فى عقله ذكريات معارك جدته مع من ينوحون عليها ,, إلى أن دخل النعش قبره ,, اشتد الصراخ وقتها ,, و بدأ يتضائل رويدا رويدا حتى ساد الهدوء الموقف و انصرف الجميع ,, و جلس هو إلى نفسه وحيدا ,, و دارت فى عقله أسئلة مختلطة
- هل كانوا يحبونها حقا أم كان هذا لزاما على
الجميع على سبيل الواجب ؟!
- هل كانت حقا إمرأة صالحة كما قال الكاهن ؟!
- هل ماتت مشاعره حقا أم أن زيف الأحداث منعه من التفاعل ؟!
- هل كان مجيئه صدقاً أم مجرد واجب ؟!
و نظر إلى باب القبر نظرة أخيرة و انصرف ,,,
مينا هانى
30-8-2013
12:00 PM
- هل كانت حقا إمرأة صالحة كما قال الكاهن ؟!
- هل ماتت مشاعره حقا أم أن زيف الأحداث منعه من التفاعل ؟!
- هل كان مجيئه صدقاً أم مجرد واجب ؟!
و نظر إلى باب القبر نظرة أخيرة و انصرف ,,,
مينا هانى
30-8-2013
12:00 PM
No comments:
Post a Comment