كان الأكثر إخلاصاً
لأبيهم صاحب المزرعة السعيدة.
كان يعتقد بأنه
الأقرب لخلافة الأب ووراثة كل ممتاكاته.
علي أي حال ظل
"عبد الفتاح" مخلصاً للأب ، بغض النظر عن عما يمكن أن يثار. كل ما كان عليه
أن ينتظر.
كانت أمه، السيدة
الفاضلة "أم الشارب" (واللتي إختلف المفسرون وعلماء التاريخ واللغة عن أصل
تسميتها. فهل ياتري كانت إسمها هو أم إيشارب أم أُم شنب أم شئ أخر) تفضل إبنها الأصغر
عبد الفتاح علي بقية إخوته. وعلي رأسهم موشي الطفحجي.
كانت أم الشارب
تفضل عبد الفتاح علي موشي لسبب غير معلوم. ربما نعلمه فالمستقبل. لكنه غير ظاهر حتي
هذه اللحظة.
لم تتواني أم الشارب
ولم تقصر تجاه الزن والضغط علي الأب المؤسس لكي يضع عبد الفتاح فالمقدمة.
لكن تأتي الرياح
بما تشتهي ولا تشتهي السفن أو الكولا.
علي أي حال تغيرت
الأمور فالضيعة وحدثت الأحاديث وإضطربت الإضطرابات ووصل الأب لسلطة كان ينتظرها منذ
كان شاباً وقتما إحترف تجارة المسواك في أتوبيسات
النقل.
كان الأب المؤسس
قد بدأ تجارة رابحة وإن كانت قد أفصحت بعض المصادر عن تورط الأب في بعض الأنشطة المتعلقة
بتجارة المخدرات التي قيلت في روايات أخري أنها لفقت أو لم تلفق. لا أدري. علي أي حال
لم يتأثر الأب المؤسس سوي بما سبب له السعادة. وسعي بكل جهده لكي ينطلق من التجارة
المحرمة إلي السمسرة في المرتزقة لإرسالهم للقتال في صفوف جيوش المملكة الكبري في وقت
كانت السمسرة فالمرتزقة مشروع مربح ويزيد من التقرب لهذه المملكة وللألهة العاجزة عن
العزف.
لم يهتم الأب بشئ
بقدر إهتمامه بتعليم أبنائه عصارة خبراته فالحياة. لإعدادهم لخلافته وتولي مناصب مشابهة
للمنصب الذي حلم به لوقت طويل ولم يناله طوال عمره في ضيعته الضائعة.
عندما حان الوقت
وبدأت عجلة التغير فالدوران. وغادر قطار التغير المحطة –يامني- ظهر عبد الفتاح بقوة
بإعتباره الإبن المحبوب من أبيه والمتحدث بإسمه أمام سكان الضيعة الضائعة.
لم تطمئن أم الشارب
إلي نية الأب العجوز علي غير عادتها. فقد علمت بطرقها السرية نية الأب الدفع بأشطر
أبنائه لكي يرث ثمر التغير الحادث في الضيعة. أو بمعني أصح. يصبح هو الوالي المحلي
المسؤل عن هذه الضيعة أمام المملكة الكبري.
أرادت أم شارب
أن تدفع بعبد الفتاح إبنها الحبيب لكي يدخل علي أبيه خيمته ويرث منه البركة مثلما حكي القدماء عن سرقة يعقوب للبكورية من أخيه عيسو بأن
إستكرد أباه. لكن عبد الفتاح كان أكثر نزاهة من يعقوب وقرر أن يدخل ويصارح أبيه برغبته
فالتقدم أمام مندوب المملكة الكبري. لعله يكون هو الوالي المنتظر لكي يكمل عمل أبوه
الذي أحبه دائما وبادله الحب.
لكن الأب كان أكثر
توتر وتشنج مما توقع عبد الفتاح وأمه. ورفض أن يطلب منه هذا أو ذاك أي شئ بخلاف ما
يراه في مصلحة العائلة. فزمجر وسب عبد الفتاح بأمه.
كان غضب عبد الفتاح
من أبوه كبيراً. فقرر أن يطلب منه نصيبه من الميراث لكي يشق طريقه فالحياة.
لم يصدق الأب ما
سمعه من عبد الفتاح. فطلب من ابناه الاخران ان يكررا علي مسامعه ما تقيأ وقاله له عبد
الفتاح -علي حد تعبيره.
فكرر الإبن الشاطر
والمتخلف موشي علي مسامع الأب طلب الإبن عبد الفتاح. وبغض النظر عن التفاصيل التي جرت.
فقد إستطاع عبد الفتاح أن يحصل علي نصيبه من الأب وأن ينطلق إلي جانب أخر بعيد من الضيعة
لكي يؤسس عصابته ويستعرض قوته بهم أمام مندوب المملكة الكبري لينافس الإبن الشاطر.
مر الوقت وإقتربت
الساعة الحاسمة. فقد كانت الساعة الحاسمة إلا ربع. وكان الإبن الشاطر في أوج الإستعداد
لسحق المنافسين وعلي رأسهم عبد الفتاح. ولملابسات غير معلومة. يقال أن أم الشارب لها
"يد" -ربما- فيها أصيب الإبن الشاطر بالإسهال. مما منعه من التقدم أمام مندوب
المملكة الكبري.
لكن الأب العجوز
كان مستعدا لمفاجئات وغدر الزمان. فدفع بموشي للسباق وكأنه مانويل جوزيه (أو هوسيه-بلغة
سكان الأندلس الضائعة كما يقول الأستاذ أسامة خليل)
وكان العجوز علي
حق. فقد إستطاع موشي أن يرث الضيعة. وكل ضايعة وإنت طيب. لكن عبد الفتاح لم يستسلم.
وإستمر فالمحاولة مع من تجمعوا حوله بسبب أمواله التي أخذها من أبيه بإعتبارها ميراثه.
والتي بدأت فالنفاذ (يمكن عشان الحرام مفهوش بركة)
وتدهورت صحة عبد
الفتاح بعدما تدهور مستواه الإقتصادي. وإنفض من حوله أصدقاء السوء من بني عبعال. وفجأة
وجد نفسه وحده!
فقرر أن يعمل لكي
يبني نفسه بنفسه. فعمل في رعاية القردة والخنازير. وبعد مدة. صعبت عليه نفسه وفكر في
سره قائلاً:"لو كنت لسة كادر صغير في بيت أبويا. كان زماني مسكت وزارة. أحيه يا
زمن. أنا هرجع"
وبالفعل. قرر عبد
الفتاح إنه يرجع مشي لبيت أبيه. وفعلا. قرر أن ياخدها مشي. وعلي بال ماوصل لأبوه. في
صباح أحد الأيام البديعة.وجد أبيه منتظره علي باب القسم الغربي من الضيعة. وجري عليه
وحضنه وأمر الخدم والحشم بذبح البقرة المثمنة. ووعده إنه يقدمه أمام المندوب السامي
في أقرب فرصة. بإعتباره إبنه المقرب.
دي كانت قصة بالصدفة
طلعت شبه قصة "الإبن الضال". إللي بتتشابه في تفاصيلها برضوا مع قصة "الخروف الضال"
ملحوظة: أي تشابه
بين تفاصيل وأحداث القصة دي وبين الواقع أو إللي ماوقعش أو أي قصة دينية أوتراثية أنا
غير مسؤل عنه. وتقع المسؤلية علي من يفكر في وجود هذا التشابه.
مينا ضياء
8/2/2013
5:06 pm
No comments:
Post a Comment