منذ حوالي 14 شهر كنت في ولاية فيرجينيا
الأمريكية. لم يكن هناك إنترنت في شقتنا ولهذا كنت أنزل لحجرة ال Business room (مكان مكيف فيه وايرلس وأجهزة كمبيوتر وكراسي
مريحة وتليفزيون ومكنة قهوة). كنت أنزل في الأمسيات باللابتوب لاهث وراء الأخبار
الأتية من مصر....
إعتدت علي مقابلة ريتشارد (أمريكي يهودي أبيض
طويل القوام في أواخر الخمسينات من العمر) وكان ريتشارد يحتل مركزه الدائم خلال
الأمسيات أمام شاشة التليفزيون علي المقعد الوثير عادة ماكان يسهر خلال أمسيات
السبت والأحد.
ذهبت إلي المقعد الذي إعتدت الجلوس عليه دوما
فكان ريتشارد علي يميني في مواجهة التلفزيون الموجود علي يساري.
إعتدت علي الجدال مع ريتشارد حول موضوعات عدة
أغلبها موضوعات غير جادة وبعضها مفيد بعضها كان يتكلم بتعالي أو بإسلوب عدائي
والبعض الأخر كان طيب وهادئ أو معجب بما أقوله أو أفعله لكن لم يصرح بذلك. وحاول
أن يقنعني بنقل دراستي إلي إحدي كليات الهندسة في فيرجينا أو واشنطن. الخلاصة أن
ريتشارد كان إنسان طبيعي يرخم ويحسن وبه كل متناقضات البشري في هذا العصر.
لم يكن قط متدينا علي حسب علمي. وكان فيما
يبدوا أنه يعيش بمفرده.
في هذه المرة التي نزلت بها, كانت توجد شابة شقراء
عرفت وسط الكلام إنها يهودية من نيويورك تدرس شئ يتعلق بالإدارة والعلوم
السياسية (لا
أذكر كان أحدهم أو كلاهم) بخصوص الشرق الأوسط.
كان ريتشارد علي عادته وهو يشاهد الجولف
ويعلق ساخرا أو مؤيدا لما يراه, لكن وجود الفتاة أثار لديه أثار مراهقة متأخرة
فدار الموقف الأتي...
نده ريتشارد علي الفتاة وسألها عن
دراستها,,وأبدي إعجابه بها وبدراستها ,,بعد ذلك وجدته يشير إلي ويقول لها
:"هذا نينا جاء من الصحراء"
"إسمي مينا" وإبتسمت :"وأتيت من
مصر وليس من الصحراء"...تبادلنا التحية أنا والفتاة مبتسمين ثم عاد كل منا
إلي ماكان يفعله فيما قال ريتشارد :"صحيح,,أنت من مصر,,أتيت إلينا هربا من
الحرب"
رفعت رأسي من أمام الشاشة وقلت: "لايوجد
حرب في مصر, كل مافي الأمر أننا أسقطنا رئيس تابع للغرب. وأنا أتيت في أجازة
وسأعود لاحقا." وعدت برأسي في داخل شاشة اللاب توب.
بعد دقائق عاد ريتشارد ليقول:"مصر تنهار
الأن,,كل شئ بصدد الخراب,,أنت لن تعود"
فقلت له وأنا أنظر إلي شاشتي: "لا,كل ما في الأمر أننا بصدد بناء نظام
سياسي مستقيم كالموجود في هذه الدولة (الولايات المتحدة أقصد) وسلطات مستقلة عن
أحدها الأخر تستمدها من الشعب...وهذا يأخذ بعض الوقت"
رد علي ريتشارد:"أتظن أن مصر ستكون مثل
هذه البلد؟" كان متعجبا بشدة, فرددت عليه بهدوء أثار غضبه فيما
بعد:"نعم, لكننا لن نأتي بساسة مثل ساستكم, فساستكم يورطونكم في حروب غبية
ويهدرون ضرائبكم في دعم أنظمة مستبدة ودعم دولة إسرائيل علي نحو يضركم ويكسبكم
كشعب كراهية شعوب الشرق الأوسط. فيما كان يمكنكم دعم إسرائيل أفضل بإجبارها علي
تحقيق سلام فتتوقف عن القتل وحصد كراهية دول الجوار بالأخص."
فقال ريتشارد لي وهو يلوح بيده فالهواء ويعود
بنظره لمباراة الجولف: "أنت لا تفهم. أنا وغيري لا نبالي لإسرائيل أو
غيرها..في الحقيقة أن هذه البقعة بالنسبة لي ليست علي كوكب الأرض."
تعجبت في صمت (كانت هذه أول مرة أعلم لا
مبالاة أمريكي"ويهودي كمان" بخصوص إسرائيل لكنها لم تكن الأخيرة,,بعد
ذلك علمت أن أخرين لا يعلمون أين توجد إسرائيل أو مصر من الأساس)
إإنتظر ريتشارد حتي قام اللاعب بلعب عدة كرات,, حتي نظر للفتاة ولي وقال لي:"أنت فخور بأنك حفيد للفراعنة, صحيح؟"
إبتسمت وقلت له:"نعم"
فقال لي في حرقة متعاليا:"هل تعلم أن أجدادك
إستعبدوا أجدادي؟!"
فقلت له:"إيه؟" #شفيق_ستايل
فقال لي:"أجدادك الفراعنة اللذين تفخر
بهم قد إستعبدوا أجدادي لعقود."
ظللت لثواني غير مدرك ما يقول, ثم قلت
له:"هل كنت هناك؟ هل إستعبدوك؟"
فقال لي:"بالطبع لا!"
فقلت له:"أنا أيضا لم أكن هناك,,,"
وإبتسمت وعدت إلي شاشتي.
فقال لي:"ولكنهم أجدادك وأجدادي"
فقلت له:"هذا –إن كان قد حدث- فسيكون قد
تم منذ ألاف السنين,,,أنت شخصيا قد تكون من نسل أخرين إلتحقوا باليهود. لا تقول لي
أنك
متأكد من إستعباد جدي لجدك"
فقال لي في غضب:"لا,,متأكد"
نظرت له بتعجب وقلت له في تحدي:"هكذا
تدار الأمور؟" فهز رأيه بالإيجاب وكأنني سألته عن وجود الشمس.
فقلت له:"أوك, جميل جدا,,أعطني الأموال
التي نهبها أجدادك من أجدادي...هيا الأن" ومددت يدي له.
فقال لي في إذبهلال :"أي أموال؟!"
قلت له :"مكتوب في سفر الخروج في توراة
موسي أن يهوة قال له أن يقوم العبرانيين بنهب جيرانهم من المصريين....أريد ما نهبه
موسي وعليه فوائد أربعة ألاف عام تقريبا..." فنظر لي مستغربا,,, وقال لي وهو
يشير إلي رأسه وعلي وجهه تعبيرات غريبة :"أنت أصبحت مجنون" وقام من
مكانه وذهب إلي الخارج.
نظرت إلي الفتاة التي كانت تزداد ملامحها
تعجبا مع الوقت منذ شاهدت هذه المحادثة,,وقلت لها:"أسف, لست مجنونا هكذا.
ولكنني أردت أن أكلمه بمنطقه" فضحكت وقالت لي:"لا تهتم به,هو غريب
الأطوار, أنا لا أحمل تجاهك أي مشاعر سلبية" فشكرتها وقلت لها :
"أنا
أيضا"
<تمت.>
·
الجدير بالذكر أن هذا كان النقاش الوحيد -لي فالولايات
المتحدة مع مواطنين عادين- الذي بدأ بالسياسة وإنتهي بالحديث عن الدين.
·
الجدير بالذكر أن 7 من كل 10 نقاشات سياسية أتكلم بها مع
مصريين تبدأ بالسياسة وتنتهي بالدين.
·
الجدير بالذكر أنني علمت من صديق مشترك بيني وبين
ريتشارد أنه في هذه الليلة كان سكرانا.
·
الجدير بالذكر أن شباب التيار الديني يتهمونك بالتعالي
عندما تتجاهل الكلام معهم,, بينما خبرات 100 % من النقاشات المماثلة السابقة تكون
نهايتها أن يقولون لك متوقعين أن يقومون بإفحامك :"ولن يرضي عنك اليهود
والنصاري حتي تتبع ملتهم",,,والمثير للضحك أن بعضهم يبدأ بها حديثه أحيانا...
فلماذا تنتظر مني أن أبدأ حديث مقدر له أن يصل إلي اللا شئ بسبب فكرة دينية سيطرت
عليك؟!
مينا ضياء
12/10/2012
9:50
am
لو عجبتك الشخبطة دوس شير وبلاش كوبي وبيست من فضلك :)
لو عجبتك الشخبطة دوس شير وبلاش كوبي وبيست من فضلك :)
No comments:
Post a Comment